مثلت قرارات استكمال الهيكلة الحلقة الأخيرة في إلحاق المؤسسة العسكرية بالوطن بعد أن ظلت لعقود تحت الوصاية الشخصية ورهن الإقامة الجبرية في حمى العائلة النبيلة, واليوم وبصدور تلك القرارات التاريخية لاشك أن الهيبة ستعود لتلك المؤسسة الوطنية, التي ظلت غائبة عن حياتنا اليومية وبعيدة عن تطلعاتنا الجمعية كمواطنين, لذلك ظل أمننا واستقرارنا رهن المزاج الشخصي والعائلي, اليوم بحق حق لنا أن نرفع رؤوسنا عالياً افتخاراً بهذه القرارات التي مثلت بارقة أمل في لحمة المؤسسة العسكرية, وإزالة الفوارق والحواجز التي ظل النظام السابق يكرسها لسنوات بهدف تعزيز سيطرته ويعيش أطول فترة ممكنة في ظل الشرخ الذي فرَّق بين الأخ وأخيه والإبن وابنه, ولزيادة المعاناة والتمزق أنشأ لكل وحدة نسخة مماثلة, ليظل في مأمن على حياته الشخصية, ويمارس سياسة الأزمات والتفنن في إدارة العدوات دون رقيب أو حسيب من أحد.
اليوم نعلنها مدوية وبملء الأفواه أن هذه القرارات جاءت ثمرة لثورة الشباب الشعبية السلمية ونتاجاً لتضحياتهم البطولية التي كانت بحق مشروع الدولة المدنية, اليوم أدركنا قيمة الدماء الزكية التي سقطت من أجل أن يحيا وطن, اليوم أصيبت الثورة المضادة بمقتل لن تستطيع استعادة أنفاسها بعد مفارقة الروح الجسد وتبعثرت الأوراق, واصبح الحلم شبه سراب.
اليوم لا مكان لمن يعيشون لذواتهم ومصالحهم الشخصية, من يتسولون الماضي ويستجدون عودته آن الأوان أن يلتفتون إلى الوطن ويمدوا أياديهم بصدق للبناء المشترك, فلم يعد للتآمر مكاناً في وطن لحمته واحدة.
اليوم حق لنا أن نفرح ونبتهج بعد أن غادرتنا البسمة لسنوات, وظللنا في غربة الوطن الذي امتلاءته جراحاتنا ومعاناتنا, تتلاطمنا أمواج الفساد, والمحسوبية والنفوذ ومصادرة مقومات وطن من أجل أن تحيا عائلة.
د/عبدالحكيم مكارم
استكمال الهيكلة إنصاف لتضحيات شباب الثورة 1326