المتابع لتزايد عمليات الاختطافات مؤخراً في اليمن وتطورها من حين إلى آخر والتي لم تقتصر على اختطاف الأجانب لتحقيق مآرب شخصية كوسيلة للضغط؛ إما للإفراج عن مسجون قد يكون محكوم عليه بالإعدام في قضية جنائية, أو للحصول على فدية مالية.. يجد أن العملية أخذت تتوسع أيضاً في جانب تبادل الاختطافات بين القبائل داخل المحافظات اليمنية, أو في إطار المحافظة الواحدة بين قبيلة وأخرى.
الخطورة في الأمر هو مرور هذه العمليات الواحدة تلو الأخرى دون تدخل الدولة, وغالباً ما تتم بتحقيق مآرب ومطالب الخاطفين, حتى أصبح كل من لديه قضية يلجأ إلى القبيلة التي لا تخذله, وهي في الحقيقة تورطه وتدله مباشرة لعملية الاختطاف, وهي الوسيلة الوحيدة لديها.
عملية اختطاف خمسة ضباط من قبل قبائل في منطقة نصاب بمحافظة شبوة قبل أكثر من شهر أحدهم الملازم/ أسعد الكامل- من أبناء شرعب بمحافظة تعز, ورد قبائل شرعب أمس الأول باختطاف اثنين من أبناء نصاب.. ما حدث لا يبشر بأننا نسير لتحقيق الدولة المدنية, بل لتعميق دولة القبيلة ودستورها.
على الدولة أن تثبت عكس تلك التوقعات بأن الدولة المدنية ـ التي نادى وضحى من أجلها خيرة شباب اليمن ـ مجرد وهم اصطدم بقانون القبيلة.. وعلى الدولة أن تحافظ على ما وجهها وتثبت وجودها وتوقف مثل هذه الأعمال وتحمي مواطنيها وتؤمن الطرقات, حتى لا تفقد سيطرتها وينهار الأمن ويتزعزع الاستقرار.. عليها أن تثبت قدرتها على إيقاف تلك الاختطافات وتطبق قانوناً يجرم فعلها ويردع مرتكبيها.. عليها أن تثبت ذلك بالإفراج عن الضباط الخمسة المختطفين في شبوة وأبناء شبوة المختطفين بشرعب, لتكون الملجأ لكل مواطن يواجه مشكلة وبدلاً من التفكير بإنصاف نفسه بقبيلته يثق بأن الدولة ستنصفه.
إن استمرار اختطاف الضباط بشبوة وأبناء شبوة في شرعب, أكثر من اليوم, عار وجريمة تتحمل مسئوليتها السلطة المحلية في المحافظتين, وسيترتب عليه فقدان هيبة الدولة وانهيار الأمن وضياع أسر وقد تأخذ القضية منحى آخر.
يجب أيضاً على كل من يستطيع أن يقدم خدمة في هذا الجانب أن يكون حاضراً وأن يلتف الجميع لإنهاء هذا الكابوس الذي يهدد أملنا بمدنية الدولة.