منذ انطلاقة الحراك السلمي الجنوبي عام 2007م وولادة دعوة التصالح والتسامح الجنوبي - الجنوبي من جمعية ردفان عام 2006م ظلت وما زالت الجماهير الجنوبية المتدافعة الى ساحات النضال السلمي الواسعة والعريضة تدعو وتؤكد على التقارب الجنوبي ووحدة الإداة والقيادات الجنوبية وكل مكونات الحراك السلمي الجنوبي .. وحتى ما لمسناه من دعوات الأشقاء والأصدقاء والدول المعنية بالشأن اليمني – والجنوبي على وجه الخصوص .. من حرصهم ودعوتهم ونصحهم لقوى الحراك الجنوبي , التأكيد على سلمية الحراك الجنوبي وعدالة القضية الجنوبية وضرورة وحدة قيادات وقوى الحراك الجنوبي – ومن سعى ويسعي لغير ذلك , فهذا أمر يثير غضب واستهجان كافة شرفاء ومناضلي شعبنا وحراكنا السلمي الجنوبي .
وما سمعناه ولمسناه من بعض "النفر" من دعوات مقاطعة وتخوين للقاء دبي لقيادات جنوبية لها مكانتها في الخارطة الاجتماعية والسياسية الجنوبية وتمثل صفوة المجتمع الجنوبي وتحظى بعلاقات اقليمية ودولية لها مكانتها وفي اول واعلى لقاء جنوبي ـ جنوبي - وجنوبي أممي , تمثل باللقاء مع المبعوث الاممي السيد جمال بن عمر – جرى خارج اليمن ـ ودون أي سقف أو شروط مسبقة - وتمكنوا من عقده على هذا المستوى ودعوا إليه الكل دون تمييز او استثناء وقالوا فيه كل ما يستحق أن يشكروا على قوله وقدموا خلاله رؤيتهم للقضية الجنوبية وطرق وممكنات الحلول المنطقية .
هذه الدعوات النشاز لم نجد لها نحن ولا حتى دعاتها ومروجيها أي مبررات منطقية أو مقبولة - حتى نفهم لماذا يقاوم هؤلاء اخوانهم وأبناء جلدتهم ؟ويرفضون مجرد اللقاء بهم - وعدم الاستماع للأخرين ؟ هذا امر غير مقبول ويبعث على السخرية والأسى تجاه مواقف هولا , ويكشف عورة القبح السياسي لدى هؤلاء الواهمين بعودة "الهيمنة الفردية" ومدى الغرور والغلو والتطرف عند هؤلاء الحالمين بعودة عهود الأنظمة الشمولية المظلمة ومآسي حقبها السوداوية الكأداء .. وتفضح ضحالة ثقافة الفكر الصبياني المدمرة ومدى الإصابة بالعقم السياسي المزمن وحالة الانطواء الذاتي والأنانية المفرطة , الذين ما يزالون يعانون منها بانشدادهم المستميت إلى عهود ماضيهم المؤسف والحزين , المانعة لقبول الرأي والرأي الأخر ورفض الواقع المنطقي للاعتراف بوجود الآخرين.
هذا الرفض الغير مبرر لحضور لقاء "دبي" وما يشاع عن عزمهم مقاطعة لقاء "القاهرة" المرتقب , لا يفهم من هذا الموقف الغير سوي كعادة مواقف أصحابه سوى أنه إعلان أحادي مطلق , ورفض فردي صريح لأي لقاء جنوبي ـ جنوبي يحضره هؤلاء الساسة المخضرمون ولا يستطيع أصحاب هذه السياسات الساذجة والممسوخة ان يدحضوا ما نقول , بدليل أن من قاطعوا لقاء "دبي" وحسب علمي سيقاطعون بعد غدا لقاء "القاهرة", فبينما هم في الواقع يرفضون اللقاء بأي قيادات أو مكونات جنوبية أخرى , قد فضحوا أمرهم حين بعثوا برسالة يطلبون فيها زيارة السيد جمال بن عمر للاختلاء به في إحدى الفلل السرمدية بضواحي بيروت - بمخاطبة في غير محلها وغزل سياسي طائش وما يؤسف له كثيراً أن من حمل تلك القصاصة المحزنة والسخيفة " العزومة "هو بمقام "استاذ في القانون الدولي" غير مدركين هدف اللقاء "الجنوبي – الجنوبي" ولم يستوعبوا رعاية المبعوث الأممي "الدولي" وجهوده لتحقيق أدنى قدر من الاصطفاف الجنوبي والوحدة الجنوبية, وطبيعة جوهر وظيفته المهنية والقانونية الممنوحة له والمستمدة من روح "القانون الدولي " ومهمته التي حددها منطوق القراراين الدوليان "2014-2051" ومضامين النصوص القانونية لبيان مجلس الأمن الدولي وانعكاساتها على القضية الجنوبية - سلباً وايجاباً – وهو ما يعيه بن عمر جيداً - التي نصت على إعادة هيكلة نظام الدولة اليمنية – وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً, لا لمنح "صفة الزعامة " لأن الرجل يدرك أن هذا شأن داخلي ومن اختصاص شعب الجنوب وحده.
وكأن رغبة الخلوة ببن عمر , التي أجزم أنها لن تتم - هي من ستمنح صك "الزعيم الشرعي" لهذا أو ذاك من المهوسين بالزعامة الوهمية غير المتوجة - وليس ارادة الشعب والاجماع الجنوبي , كما يعتقد متطفلو السياسة الذين أوغلوا في تماديهم المستمر الاستخفاف بشعب الجنوب العظيم منذ ان ابتلاه الله بهكذا زعامات من ابلد القادة وانصاف الساسة المبتدأين , أصحاب هذه العقليات المعتقة من ذوي قصر النظر, هواة الشعارات الجوفاء التي يرددونها دون أدنى قدر من المعرفة والإلمام بها والذين لا يملكون أي "رؤية سياسية او نضالية وطنية " للخلاص من المأساة التي اوقعتنا فيها نزوات النزق السياسي العقيمة والتطرف الثوري الأهوج وما نعانيه اليوم جراءها من مآس وويلات لا تحصى ولا تعد ولا تغتفر لمرتكبيها والمتسببين فيها .
إن دعوات الهروب السياسي "الرفض والممانعة واللاءات المطلقة " هي شهادة الظفر بالإفلاس السياسي عند هؤلاء المفلسين ولنا مماثلات وتجارب سياسية وتاريخية كثيرة مازالت حية وشاهدة على أصحابها حتى اليوم .
مع الأسف الشديد أن هذه الدعوات القاصرة الفهم والحنكة السياسية والدبلوماسية قد كشفت مدى الإفلاس السياسي والشعور النفسي بالنقص السياسي وضعف المستوى النضالي والقيادي عند دعاتها ومروجيها, وتتعارض كلياً ومبدأ التصالح والتسامح الجنوبي - الجنوبي, وتكشف مدى الزيف والتضليل وضحالة الخطاب الاعلامي والسياسي الذي كان ينادي به هؤلاء الذين كانوا يتشدقون في دعاويهم الكثيرة وتظاهرهم بالحرص على "وحدة الصف الجنوبي" لإلقاء اللائمة على الغير, ومكايدتهم ونكايتهم بالأخرين .
إن سياسة "الرفض والممانعة والمقاطعة " لأي جهد للتقارب والوحدة الجنوبية , يستهجنها ويشجبها ويرفضها كل مناضلي وشرفاء وعقلاء الجنوب , ولا يمكن تقبلها أو تفهم دواعيها مهما أبدع وتفنن الكهنة الدجالين من السحرة والمروجين في صياغة المبررات العقيمة وشطحات الهوس في الزعامة وامتلاك الوصاية على الاخرين , ونرجسيتهم الغوغائية المغامرة , حيث يرفض شعبنا محاولات البعض " اختزاله الزمني " للتصالح والتسامح , لأن تاريخ شعب الجنوب العظيم لم يبدأ من "يناير 1986م ولم ينتهى في - يوليو 1994م" كما يظن البعض ممن لم يستوعبوا "رياح التغيير" وثورة "الربيع العربي" التي عصفت وتعصف بأنظمة عديدة في المنطقة , الجنوب جزء لا يتجزأ منها .. من الطبيعي أن يمسه التغيير وهذا ما ينبغي أن يعيه ويدركه هؤلاء المتطفلين , اذا ما أردنا تحصين جماهيرنا الأبية في ساحات النضال الوطني السلمي والحفاظ على سلمية حراكنا السلمي الجنوبي من مخاطر الغلو والتطرف وما ستلحقه بنضالنا السلمي وقضيتنا الجنوبية العادلة من مساوئ وأضرار, لا سمح الله.
علي منصور أحمد
المقاطعون .. ودعوة الاختلاء ببن عمر! 1744