من المفترض أن يبدأ مؤتمر الحوار الوطني أعماله بعد أيام، وفقاً للمبادرة والآلية والتنفيذية وحسب القرارات الرئاسية الصادرة بهذا الشأن.. المجموعات المكونة للحوار هي ثمان مجموعات وفق قرار تشكيل اللجنة الفنية للحوار..
وما يبدو على السطح أن عدد من مكونات هذا الحوار منشغلة تماما ومنصرفة إلى ما هو أهم في نظرها فالحوثي يبدو منشغلاً جداً عن الحوار باستيراد الأسلحة، و هذا يعطي الحوثي رأيه وتصوره في كل القضايا الوطنية وأما نظرته للنظام السياسي للبلاد فهو حق إلآهي حصري له قد حسم من قرون.
والمؤتمر - وبالرغم من إصرار الثورة على إنقاذه وتحويله إلى حزب سياسي حقيقي- أظهر هو الآخر تمسكه بالعائلة المخلوعة وكأنه قرر أن يجاري الحوثيين في الاحتفاظ بالعائلة، والتفنن في مشاريع التمزيق والتفتيت والتخريب، والإفساد.
الحراك الجنوبي، يبدو حائراً جداً في تصوره لمرحلة ما بعد الانفصال، أو ما بعد القبول بالحوار الوطني والوحدة بأي أشكالها التي قد تنتج عن مؤتمر الحوار، وهو مستغرق في هذه النقطة من التيه والحيرة ولم يستطع التقدم بأي اتجاه (مؤخراً ظهرت مؤشرات جيدة تنحو نحو المشاركة في الحوار الوطني).
أما شباب الثورة - ومن المفترض أن يكونوا المتغير الرئيس للمعادلة السياسية في اليمن- ، فهم الآن في أشد مراحل ضعفهم وتفككهم منذ بدء الثورة بعد تخليهم عن جميع الأطراف المساندة لهم، أو ربما تخلي تلك القوى عنهم, والقوى السابقة تعد فاعلاً مهماً في المشهد السياسي اليمني..
بقية القوى الأهم والتي برأيي هي الوحيدة التي يمكن التعاطي معها، وهي المشترك..
المشترك هو القوة الوحيدة التي لديها تصورات مسبقة أو مستجيبة للحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد، اكتسبها من طبيعة تكوينه، ومن الخبرة السياسية العميقة لدى قيادته، ومن تجاربه في إنتاج التصورات السياسية مثل الإصلاح الشامل، ورؤية الإنقاذ الوطني، وأخيراً في صياغة الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية.
لكن المشترك يمر بحالات تفكك داخلي شديد، يقودها أصحاب المشاريع الضيقة داخل أكبر حزبين فيهما (الإصلاح – الاشتراكي) واللذين مثلا طرفاً المعادلة السياسية اليمنية) ويؤججها أعداء المشروع الوطني المرتبطين بالنظام السابق أو الذين لديهم مشاريع قائمة على غياب الدولة, مما ينذر بكارثة كبرى ليس على المشترك فحسب ولكن على حالة السلام القائمة منذ تشكل المشترك على مستوى اليمن بكامله.
قيادة المشترك - التي تحاول تجميعه ولملمته في هذه المرحلة الفاصلة - ذكرت أكثر من مرة أن المشترك بصدد إعادة صياغة مشروع الإنقاذ الوطني بما يتناسب ومخرجات الثورة، كتصور مقدم من قبل المشترك باعتباره أحد القوى السياسية في اليمن لطبيعة المشاكل في اليمن ومداخل حلولها، وشكل الدولة المقبلة ونظام حكمها، ولكن المشترك لم ينجز شيئاً حتى الآن في هذا المشوار.
تبدو ضرورة إنجاز المشترك رؤية وطنية جامعة قبل الدخول في الحوار الوطني بصورة مكتملة، كالتالي:
- بإنجاز المشترك لتصور موحد يكون قد حقق نقطة انطلاق قوية نحو البقاء وضربة موجعة لمشاريع تفكيكه.
- بإنجازه لتصور متكامل قبل الدخول في الحوار سيثبت المشترك للشعب أنه فعلاً الأقرب إليه والحامل الحقيقي لتطلعاته وآماله وسيتوسع على حساب مشاريع العوائل البغيضة.
- بإنجاز المشترك لتصوره أولاً سيحدد ملامح التصورات التالية له وأفقها واتجاهاتها وبالتالي التقدم كثيراً في رسم ملامح المستقبل كما يراها المشروع الوطني.
- وهذا قد يعيد إنشاء تحالف حقيقي بين شباب الثورة والمؤمنين بالمشاريع السياسية من جهة والمشترك من جهة أخرى، وسيتخلق عنها قوة سياسية ذات بعد اجتماعي قوي تشق بقوة الطريق إلى المستقبل المنشود للدولة الديمقراطية..
سلمان عبد الرقيب العفيف
عن استعدادهم للحوار!! 1431