يقولون في الأمثال إن الطبع يغلب التطبُّع، وهي حقيقة لا مناص من الاعتراف بها، لأن الطبع صفة ملازمة للإنسان أياً كان جنسه ذكراً أم أنثى، ولدت ونمت وكبرت معه منذ الطفولة، لذلك لا يملك إرادة ولا حق في تغيير طبعه الذي جُبِلَ عليه، إلا أنه يمكن للبعض العمل على الفرملة والسيطرة على الأعصاب عند الغضب الذي يؤدي إلى الخروج عن المألوف والدخول في دائرة يصبح الخروج منها صعباً بعض الشيء، وطبائع الناس مختلفة ولا يُعرف الطبع للمرء إلا بالمعايشة، وكما يقال:
- تعرف فلان؟ - نعم.
- هل عايشته؟ - لا.
إذن فلا تعرف حقيقته، يعني أنك لم تتعرف على طبعه، وتبقى المشكلة في نظري هي التطبُّع الذي يتقمصه بعض الناس فيكون تطبعهم وفق تغلبات الظرف والزمان والمكان، فنراهم يغيرون جلودهم ويلوون ألسنتهم ليظهروا بمظهر مَنْ جُبِل على هذا الطبع، فيقع في فخّهم من لا يعرفهم حق المعرفة، ويثق بهم ثقة الرجال الصدوقين الأوفياء، غير مدرك أن هذا الظهور والتقرب إنما هو تطبع آني لغرض ما يراد من خلاله الوصول إلى غاية وتحقيق هدف معين.
وكما يقول المثل: «صلِّ له يقرب» لكن في الأخير أعتقد أن من يتطبّع بطبائع تقربه من الناس لكسب تحدده مطامعه يأتي عليه وقت ولحظة لم يكن يتوقعها ولم تكن بحسبانه، فينكشف قناعه ويظهر طبعه الحقيقي، حينها يسقط ويهوي إلى قاع سحيق.
إذن فالنصيحة مما تقدم واضحة ولا غبار عليها، يعني أنه من المفروض دراسة الإنسان باستخدام العقل وعدم التفريط في العاطفة، لأن ذلك يجنبنا الوقوع في خطأ تكون عواقبه كارثية على الذات والمجتمع، أما النصيحة الأخيرة: فحذاري حذاري من المتطبعين..!
عمر بن حليس
الطَّبع والتطبُّع 1328