يعد اللقاء المشترك أهم ظاهرة سياسية في اليمن خلال السنوات العشر الماضية يهدف كما يقول بعض قيادته إلى تصحيح اعوجاج النظام السياسي في اليمن وإلى عمل مشترك يمكنه من تحقيق الدولة المدنية الحديثة التي تأخذ على عاتقها الحقوق والحريات للناس.
فمنذ تأسيسه يسعى جاداً لترسيخ العملية الديمقراطية في اليمن, لكن هناك جملة من التحديات بمجملها مثلت شبه عائق للقوى المتكتلة في كيانه في تعزيز التحول الديمقراطي وإيجاد بيئة آمنة في المجال السياسي والاقتصادي...الخ وتحقيق الرفاه والتقدم للشعب اليمني.. وليس المشترك ظاهرة برجماتية كما يحب ان يسميه البعض.. بل تعدى كونه ظاهرة ليصبح نموذجاً فريداً في بناء التحالفات السياسية.. فالقوى المنضوية فيه لها تجربة نضالية واسعة على المستوى الحزبي والوطني ..وأدركت حجم التداعيات الخطيرة الناتجة لفشل (صالح) في إدارة الدولة والأضرار الناتجة عن هذا الفشل ..ويمكنني القول أيضا إن مشروع التحالف السياسي(اللقاء المشترك) مشروع فرضته الأزمات الصامتة التي مرت بها اليمن خلال حكم صالح خاصة العشر السنوات الأخيرة.
المشترك صاحب الرؤية المدنية في الإصلاح السياسي الشامل الذي ينظر لليمن عروسة تشمخ وكيان شامخ متحد يواجه تحديات كبيرة على مستوى الساحة اليمنية في حين أراد النظام السابق أن يجعل المشترك يصل إلى مأزق النضال في الجنوب, فترك أجندته المفتوحة وأزماته المتعددة أدوات استهلاكية للقضية الجنوبية على الرغم أن الفضل يعود للمشترك في تحريك المياه الراكدة في الشارع الجنوبي كان تدفقها في انتخابات2006م الرئاسية وما مثلته من وعي في قيمة النضال السلمي وجدارته.
أرادت السلطة بث الصراع بين فصائل الحراك الجنوبي واللقاء المشترك, فيما عزى البعض أن الحراك الجنوبي كيان استهلاكي جهوي متحرر من الانتماء للأحزاب التي رأى أنها مكبلة بقيود وآراء ومشاريع حزبية لا تجرؤ على محاكاة الواقع الاجتماعي لأبناء الجنوب.. في حين رأى المشترك أن القضية الجنوبية هي المدخل الأساسي للإصلاح السياسي في اليمن.. يرى الحراك أن القضية مرهون حلها في ثلاثة أبعاد بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي وقريبة مسطرة على الأوراق.. لذا يواجه المشترك اليوم تحدي كبير أمام (الطوباية الحراكية) التي قطعت طريقها إلى النضال بمجرد دعاوى استهلاكية يرفضها الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.. لكن هل يعي الشارع الجنوبي أن ذلك دحرج عجلة التغيير وأعطى قوى أخرى استثمارها إلى معركة كسر العظم.. أراد صالح منها أن تكون معركة كسر العظم.. تجاوز المشترك هذه المرحلة ليبرز دوره النضالي في ترشيد الحياة السياسية والحقوقية في الشارع مناضلا وفيا عاملا على تحقيق المطالب الحقوقية الجنوبية لا استهلاكية.. خاض غمار الاحتجاجات في كافة المحافظات الجنوبية ليبشر في ميدان سياسي جديد وينثر إنسانيته الجملية في العمل السياسي والشارع الجنوبي الذي طالما حاولت السلطة أن يكون آخر مراسيم الدفن لنضال المشترك ومقبرة السلطة للتخلص من الخصوم السياسيين.. فتحول المشترك إلى كيان إنساني التعامل والنضال.. رشيد النضال والفكر.. وعقل الحياة السياسية.. ورائد النضال السلمي.. سلوكه النبيل كتاب مفتوح صفحاته بيضاء ناصعة تعانق الشمس كل صباح.. أرادت السلطة أن يكون المشترك كبش فداء لأجندتها وأزماتها المفتوحة المتعددة فصار كيانا من أجل الوطن هيئاته التنفيذية تعمل ليل نهار وفي مقدمة الجماهير والاحتجاجات السلمية.. يمكن القول أن المشترك حالة متقدمة وشكل جديد في الحياة السياسية وعنوان عريض.. ومسيرة نضال له امتداداته الشعبية المؤثرة في المناطق الجنوبية خاصة في ظل هذه الأوضاع التي يشهدها البلد.
في الفترة السابقة اصطدم مشروع المشترك بعدة مشاريع مطبوخة في مطبخ السلطة السياسية منها مشروع الأزمات المستفعل فما أن تنتهي أزمة حتى كان الحاكم يبعث أزمة أخرى كعقبات أمام التغيير وللحيلولة دون وصول المشترك إلى السلطة فمن(حرب صعدة إلى القاعدة إلى حراك السلطة) كما يقول"عيدروس النقيب).. دراما أزمات أحتكر الحاكم سردها وحبك فصولها، عامل الزمن فيها هو المستفيد.. (صالح) الذي يرى نفسه قدراً برجماتياً يهيمن على الحياة السياسية والأب السياسي أدرك أن المشترك بمشروعه النضالي سيعيد تشكيل معالم الخارطة السياسية في اليمن لذا افتعل الأزمات لمواجهة التغيير.. أزمات تفنن بها جلادكم النبيل ليفرغ أدوات التنفس السياسي السلمي من محتواها.. فدَق وتر العصبية والقبيلة من جديد ليتصارع اليمنيين ويقتل بعضهم بعضا.. ليظل جاثماً على كرسي الثعابين.. أفعى تنشر سمومها ليتخلص من ثعابين السياسة التي تحرس ثغور الديمقراطية.. لكنها تدرك أن السموم التي ذاقتها مصل وقائي.. صالح ربما أراد من الأزمات أن تكون مسمار نعش في حياة المشترك لتخلو له الحياة السياسية فيكون بطلها بمفرده.. فصار المشترك(هبة شعبية) مدوية في أرجاء اليمن.. مشرعا وشاهرا أدوات التغيير الشعبية المفتوحة.. من النضال السلمي إلى الثورة السلمية.. من معادلة البقاء إلى خلط المحاليل لتغيير المعادلة وإعادة أوزانها المتكافئة.. من الشرعية السياسية إلى الشرعية الشعبية.. من أصوات الجماهير إلى أصوات الشعب.. يواجه المشترك أزمات (صالح), فخرجت الثعابين التي كان يهدد بها صالح كل طامح للتغيير.. لتقف الى جانب البركان الشعبي.. فصار المشترك ثورة(شبابية شعبية سلمية).. له شرف قيادة التسوية السياسية في اليمن.
أحمد الضحياني
المشترك والثورة السلمية 1512