أتابع عن كثب ما يحدث في جامعتي الموقرة.. لم أخض غمار التفاصيل, فقد ذقت من المرارة ما يكفي بين دهاليز جامعة تعز وانا أتسوّل حقًّا.. من مكتب إلى مكتب .. منذ تخرجي عام 1997م بتقدير ممتاز وأنا أطرق أبواب النواب الأكاديميين واحدًا تلو آخر، يأتي رئيس ويرحل رئيس.. وخديجة تلك الطالبة التي حلمت أن تقدم خدمة لبلدها عبر الجامعة، لم تكن تطالب بأكثر من حق سهرت من أجله الليالي، رغم ظروف الحياة ومشقة الموازنة بين متطلبات الدراسة والبيت كزوجة وأم .. حافظت على مستواها .. حتى لا تتجاوز الحد في مطالبها .. ضحك يوماً على إصرارها رئيس قسم وقد أقصيت من التعيين في إحدى المحاولات، قال: ياما حقوق ضاعت،، قلت له: لن يضيع حقي.. ومرت سنون أخر، ولا أزال أستجدي حقي في التعيين أسوة بزملاء آخرين، رحل نائب أكاديمي وجاء آخر، لم يكن أحد منهم يشعر بالقهر الذي أشعر به،، يوم أبكاني أحدهم ذات مقابلة خرجت من عنده هائمة على وجهي والدموع تبلل خماري.. أناجي ربي بنحيب هامس: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين )، بكيت كثيراً، كنت أقصد طريقي نحو مكتب رئيس الجامعة لأرفع ظُلامتي، ما تبينت طريقي إلا وأنا أمام مستشفى الكندي وعدت أدراجي إليه.. بدون جدوى كالمعتاد... لن أتحدث عن وشايات مغرضة أو تضييع لوثائق رسمية بقصد أو بدون قصد، لن أذكر أن مسؤولاً سرد لي تاريخي الحزبي بعد إحدى المقابلات ليغمز في ولائي لأسياده،، ربما كانت جريرتي أن أبي لم يكن وزيراً أو حتى لصاً.. لم أرفع قضية في المحكمة احتراماً للأكبر سنًّا وعلماً.. كنت أقف كالمغفل أنتظر دوري, أغض الطرف عمّا أشاهد من محسوبية وإقصاء.. علمت أن رزقي لن يأخذه غيري.. وأن مشيئة الله متى حانت ستعصف بأباطيل المتلاعبين بحقوق البشر.. مرة أدعو عليهم، ومرة أقول: المسامح كريم.. مرة أبكي، ومرة أقول: الحمد لله أني لست مع هؤلاء الظالمين.. ولم أتوقف عن الاستجداء إلا حين قال لي رئيس الجامعة - مع كل احترامي لشخصه : أعلم أنك ظُلمتِ ولكن لا أستطيع فعل شيء لك!.. أحترم وجهة نظره، على قدر قهري من هذه السلبية, إلا أن اعترافه بأني مظلومة من خلال أوراقي التي بين يديه قد أشعرني بالعزاء قليلاً ، ولكن هل يكفي العزاء وأنياب اللصوص تنخر في أعلى صرح أكاديمي نعوّل عليه في نهضة اليمن.. والمحافظة؟ هل يكفي العزاء ومافيا الخراب تنهش عمر الطالب المسكين.. فلا يخلص من محنة إلا وتبعتها أخرى؟! هل يكفي العزاء والمحسوبية والوساطة والإقصاء يعبث بجسد هذا البناء الذي أُريد له أن يكون عليلاً؟.
ربما أكون محظوظة بتكريمي في يوم العلم وحصولي أخيراً على التعيين في الجامعة بعد مكابدة الليالي والأيام ، بفضل من الله أولاً وآخراً والمن لله وحده وبفضل دعوات من أبي وأمي - رحمها الله- وبفضل وقفة لم أكن في غنى عنها من الأحبة الذين ساندوني بالدعاء أو توفير الكتب التي نتعثر بالبحث عنها.. ولولا دعم أساتذة مخلصين لم أكن لأصل إلى تحقيق بداية الحلم الذي لم يفارق خيالي منذ نعومة أظفاري, قد أكون في نظر الكثيرين محظوظة ويجب علي السكوت.. لكن قهر السنين الخوالي يفرض علي الشهادة بالحق ..
أقولها للمحافظ.. أنت لم تدرس في جامعة تعز حتى تعرف ما يدور بين الأقبية وما يُدبّر لمستقبل الوطن جراء العبث الحاصل في جامعة تعز!.
يا محافظ تعز: أهل مكة أدرى بشعابها فلا يغررك أصحابك ، دعوات الطلاب سهامها صائبة فللمظلوم دعوة لا تُرَد.. وفي الجامعة رجال لو أتيحت لهم الفرصة لأشرقت الأرض بنور إخلاصهم..
يا محافظ تعز: قلوبنا التي احترقت وأنت تدرس في أفضل جامعات العالم ومعاهده.
يا محافظ تعز.. بعض الوفاء لمن تفاءل يوم عيَّنوك محافظاً لهذه المدينة!!.
خديجة عبد الملك داوود
كفى أوجاعاً ياً محافظ تعز!! 1561