ألوانها الدافئة والموحية بالإثارة والمرح وقالبها المنسكب بحرارة في أغلفة شفافة توحي بالرومانسية بتدرجاتها الحمراء الذائبة خجلاً وخضرتها الموحية بالصحة والرشاقة والخفة والدلالة.. نكهة تفاصيلها التي تشبه بعض تفاصيل الأنثى جعلتها فاكهة الرجال المفضلة وفاكهة النساء الأفضل، إنها أكثر ثمار الأرض شهرة وألذها طعماً ويكفي أن واحدة منها كل يومٍ تبعد عنك الطبيب مسافات ومسافات، لكن واحدة منها أيضاً كل يوم يمكن أن تقرب إليك الحب والصحة والجمال مسافات ومسافات كذلك، إنها تشبه تماماً قبلة الحبيب التي تشفي وكلمته الحانية التي تروي ونظرته الدافئة التي تشيع في النفس الاطمئنان..
فللحب فيتامينات تقوي الروح وتزيد تلك الأجساد دون ظلاله الوارفة خصوبة الفكر والبدن، فهو غذاء ودواء أيضاً، تلك الثمرة التي أسرف في وصفها الشعراء وأبدع في سرد تفاصيلها اليانعة الكتاب والأدباء وكانت ولا تزال ملكة الفواكه على موائد العظماء، تلك الثمرة المتدلية من أغصان النضج والاشتهاء للصحة لا تداعب مشاعرنا الجائعة لالتهامها فقط وإنما توقظ أحاسيسنا النائمة حول ذوائب القلوب الوردية التي يخترقها سهم الانتظار الطويل ليصنع من قطرات دمها مداماً يحتسيه المتعبون والتائهون والباحثون عن لون الأمل ونكهة البقاء البذخ في أحشاء المتعة، فأي نكهة تشبه نكهة تلك الثمرة ذات المزاج المتقلب بين أحمر قانٍ وأخضر نظيرٍ وأصفر فاتر؟.. إنها إشارة مرور الفواكه التي تسمح لكل مشاعرنا بالعبور إلى جوفها قبل أن تسكن أجوافنا، من منا لا يحبها كما هي مستوية النضج أو مطهوة على وجه كعك الميلاد أو معصورة في كؤوس المغرمين بها؟.. كلنا يحبها مرضاً وصحة، جوعاً وشبعاً.. ما أعذب النظر إليها حين تقف على قشرتها قطرات الماء كدموع النساء حائرة بين العودة إلى محاجر العيون أو الانحدار إلى الفراغ وما ألذ مذاقها حين تمضغها الأفواه الجائعة مع رشفة اللبن البارد أو الحليب، وما أروع نكهتها حين تطهى على طريقة أهل فارس شياً "بفتح الشين وتشديد الياء" مع رش جسدها المنصهر بذرة القرفة المطحونة بعناية، وما أغرب طعمها حين تطهى مع اللوز في بحرٍ من العسل وما أعجبها حين تصبح قطعاً مع الروب "الزبادي" على مائدة الصباح.. إنها الملكة ولذا هي جميلة على أي شكل وفي أي حال وبأي لون.. إنها صيدلية النساء اللاتي يبحثن عن الجمال ومستودع الرجال الذين يبحثون عن الصحة، هي سر كليوباترا ونفرتيتي وكل جميلات الشرق والغرب، لن أتحدث عنها كمختصة في مجال التغذية بل سأدعوكم لتناول واحدة منها، حمراء، ناضجة، غليظة اللحم، متماسكة اللب، مغسولة بين يدي فنان ومقدمة بين يدي جائع مع خيوط متوالية من العسل وحبات اللوز والزبيب والكريمة وقطع من التمر وكأس من اللبن البارد، إنها وجبة إفطار للروح قبل الجسد يبدأ بها المرء نهاراً لا انتهاء لمتعته.. اجعلوها وجبتكم المعتمدة عشية أو صبيحة عيد الحب وإن أردتم نصيحتي اجعلوا تناولها عادة، لأنها خير معلمة للحب.
ألطاف الأهدل
لماذا تبقى التفاحة رمزاً للصحة والحب والحياة؟ 1827