لكثرة ما يسمع المرء منا عن المرض بالعين والحسد يشعر بالحزن الشديد على تركنا لتوجيهات نبوية سامية وراقية جداً تربأ بالإنسان عن تدنيس روحه ونفسه وكيانه بالخوض في تلك النعم والأرزاق التي وهبها الله أناساً وحرم منها آخرين لحكمة لا يعلمها إلا هو ولا يدركها إلا من خلق هذه النفس البشرية الساقطة في أوحال الدنيا، ترفض أن ترتقي بإنسانيتها إلى سماء الطهارة فتبقى في حالة بحث دائمة عن كل شيء وليس لها إلا ما كان مكتوباً لها.
أكره ذلك السلوك الذي يتعمده البعض في إلقاء تعليقات رخيصة وسفيهة تنم عن بعض الحسد والضغينة تخفيها صدروهم وتكشفها أفواههم في زلة لسان يرونها هينة وهي عند الله عظيمة، لأنها قد تقتل آخرين وتدخلهم قبورهم قبل الأوان، كلمات مشحونة بالاستكثار والغيظ وتمني زوال النعمة وهي ما يسميه أصحاب الشأن "العين" والعين حق كما ورد في سنة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا ليس بالأمر السهل، لأنك بنظرة عين حاقدة أو كلمة لا مسئولة يمكن أن تسلب صحة إنسان أو ماله أو سعادته ولو أنك تمنيت له الخير لآتاك الله ضعف ما عنده، فلماذا تسمح لنفسك أن تكون سبباً في تعاسة إنسان سواءً أدركت ذلك أم لم تدرك؟
وعلى كل حال فإن اتباع الهدي النبوي يظل هو الحل السليم لكسر جماح النفس وتقييد طاقتها السلبية القاتلة وذلك بمباركة الشيء الذي يعجب المرء منا لدى الآخرين ظاهراً وباطناً وإطلاق جملة ما شاء الله تبارك الله، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فتكون عادة دائمة تتحول إلى عقيدة راسخة داخل النفس التي ليس لأطماعها حدود ولهذا لا تتركوا هذه الجملة أبداً إذا رأيتم ما يعجب أعينكم ويثير أنفسكم من الداخل وكونوا أكثر ثقة بما عند الله بإقناع النفس أن كل شيء زائل وأن لكل إنسان منا نصيباً ورزقاً معلوماً في الحياة، فلماذا التعدي على ما ليس من حقنا؟.. لا تملأوا جعابكم الأخروية بذنوب متراكمة كالجبال لا تدرون لها سبباً، يوم القيامة.. تخيلوا معي ذلك الإنسان الذي عاينت نفسه الخبيثة رجلاً أو امرأة فقتلهما بعد معاناة مع المرض وعجز من الأطباء عن معرفة السبب، كيف سيكون شعوره حين يلقى الله قاتلاً ولم يمسك بيديه يوماً سكيناً أو بندقية؟.. تخيلوا حجم ذلك الوزر الذي يحمله على ظهره حين تفرق عينه بين امرأة وزوجها أو تشوه جمال وجوه البعض أو تحول بين إنسان وعافيته أو ماله أو ولده.. لا أظن أن أحدنا ينقصه أن يتحمل مثل هذه الذنوب والآثام العظام، فالحذر كل الحذر من النظر إلى الناس وما تملك أيديهم بعين الحقد والحسد والبغض ولنتذكر أن لنا أبناء ومالاً وزوجاً أو زوجة ولربما عاين أحدنا ماله وولده، فوجد في ذلك ما يكسر نفسه ويدمي فؤاده، فاحذروا العين ولا تنسوا أن تقولوا ما شاء الله فإن فيها الكثير من الخير لكم ولسواكم.
ألطاف الأهدل
قُل ما شاء الله.. 1756