لعل ما يثير الدهشة والاستغراب ويضع أمامنا الكثير من الأسئلة والاستفسارات التي لا يستطيع العقل تفسيرها أو الإجابة عنها.. هي تلك التناقضات المخيفة وأكرر القول بأنها مخيفة جداً، كونها تنهش بشكل مباشر في جسد القضية الجنوبية وربما تكون مساساً بالشرعية الوطنية والثورية للقضية أيضاً، كما أن لتلك التناقضات والمواقف أثرها السلبي والمدمر والذي سوف يغذي الصراعات والانقسام في إطار الشارع الجنوبي، بالإضافة إلى زيادة اتساع هوة الخلافات، والتشظي وضبابية المشهد والاتجاه، فتلك التناقضات والتخبطات وعدم الثبات في المواقف والرؤية كثيرة جداً، لكننا سنخوض بالحديث عن أحد تلك المواقف والتي باعتقادي تعد انقلاباً وخيانة لمشروعية القضية الجنوبية من قبل أبناء الجنوب أنفسهم وهذا التناقض في المواقف والتعامل مع مفهوم من تسمونه "احتلالاً".
فلوا اتفقنا معكم بأن سلطة الشمال بكل مؤسساتها تعد سلطة محتلة وغاصبة لأرض الجنوب، لماذا تدافعون وتحمون من يعتبرون أذناباً لذلك الاحتلال الذي تزعمونه وخصوصاً من المحسوبين على نظام صالح، أي بقايا نظام صالح؟، أليس من تدافعون عنهم وتحرسون مكاتبهم من الفاسدين الجنوبيين هم من كرس الاحتلال وشرعن نهب الثروات والأرض لنظام منذ ما بعد حرب 1994م.؟ أليس هؤلاء الأذناب والبقايا هم أكثر ولاءاً وإخلاصاً لمن تسمونه بالاحتلال؟، لماذا يعد المحسوبون على نظام صالح من الجنوبيين مقبولين ومحروسين من قبلكم، بينما الشرفاء والرجال الصادقون من الجنوبيين والمحسوبين على تيار المعارضة "المشترك" تنعتونهم بالعملاء والبائعين والمتآمرين على قضية الجنوب ومشروعيتها؟.
ألم تدركوا بأن الدفاع عن الفاسدين من بقايا صالح وحماية إداراتهم يعد خيانة لقضية الجنوب ودماء الشهداء والجرحى؟!.
إنه لأمر مخيف وواقع مربك وسلوك سقيم وممقوت، ذلك الذي نشاهده ونعيشه كواقع فرض قسراً علينا الجنوبيين حتى صرنا لا نفرق بين واقع الاستعمار، ودعاة التحرير من أبناء الجنوب، فلو أمعنا النظر في تلك التناقضات والمواقف التي صارت أسلوباً ونهجاً لإخواننا في الحراك الجنوبي والتي أعتقد بل وأجزم القول بأن إخواننا في الحراك الجنوبي قد فقدوا بوصلة العقل تماماً، ورضوا لأنفسهم، سواء على المستوى القيادي أو في إطار القاعدة الجماهيرية، الاحتكام للعواطف والسير خلف نتائجها والاعتماد لما تحدثه تلك اللحظة العاطفية من نصر آني ومؤقت والذي يتم الحصول عليه كثمرة ونتيجة لحماس وعنفوان القاعدة الجماهيرية المنطقة من عواطف ومشاعر ومعاناة الجماهير المنتفضة على الدوام، والتي حتى اللحظة لم تتمكن من جني وحصاد ثمرة نضالها وتضحياتها بسبب غياب العقل كحاضن سياسي وثوري لمطالب الجماهير وتضحياتها.
وبما أن ذلك العقل أو الحاضن لازال غائباً ومفقوداً لدى المشهد السياسي والثوري للحراك الجنوبي وإن حاول الحضور أو الظهور في بعض المواقف، لكنه سرعان ما يتم إجهاضه ودفنه تحت ركام الأخطاء والخلافات والانقسامات والاتهامات المتبادلة في الإطار الجنوبي الجنوبي، فإنه سيحال الخروج بموقف موحد وقوي..
فانطلاقاً من مما استطعت تلخيصه أحب التأكيد أن هذا رأيي الشخصي وما توصلت إليه قناعتي وقدرتي التحليلية، والذي يأتي من باب الحرص والشعور بمرارة الألم تجاه ما تواجه ثورتنا الجنوبية من إرهاصات وإخفاقات لم يصنعها من نسميه بالاحتلال، لكنها من صنع الجنوبيين أنفسهم.
وعليه نقول وبصوت عالٍ وصريح دون خوف أو تحفظ، باعتبارنا جميعاً جنوبيين وليس بمقدور أحد أن يلغي الآخر أو يزايد عليه، بأن حماية وتقديس الفاسدين والملوثة أياديهم من الجنوبيين المحسوبين على نظام صالح من قبلكم أيها الثوار الحراكيون يعد خيانة كبرى للجنوب وطعنة قاتلة على ظهر القاعدة الجماهيرية للثورة الجنوبية، كون ذلك الفرز في التعامل مع الجنوبيين الموجودين والعاملين في إطار مؤسسات السلطة لا يمكن القبول به أو السكوت عنه، كوننا جميعاً أبناء لهذا الوطن الجنوبي المنهوب والمسلوب منذ ما بعد حرب 94م..
وإن ما نخشاه أن يتم القبول بأزلام وبقايا الرئيس السابق والاحتكام لمقترحاتهم بخصوص القضية الجنوبية دون التأمل أو النظر إلى حقيقة تلك الورقة السياسية القذرة التي تلعبها تلك العناصر الجنوبية والتي تم الإعداد لها مسبقاً بتمويل من صالح وعائلته بعد سقوط النظام العائلي ودفنه تحت أقدام الغضب الجماهري الثوري الملتهب في كل ربوع الوطن شماله وجنوبه.
عبدالقوي الهدياني
رئيس ملتقى أبناء الأزارق
عبدالقوي الهدياني
التحالف مع بقايا صالح خيانة كبرى للجنوب 1519