مع نزوله لافتتاح مشروع المكتبة الوطنية الكبرى بتمويل، صيني واجه رئيس الحكومة المحسوب على المعارضة أيادٍ تصافح بشغف، في مقدمتهم اكف وزير الخارجية القربي الذي كان خلال أيام الثورة من أشد المنافحين عن على عبدالله صالح..
ولا أحد يعرف الطريق الذي سوف يسلكه هذا الوفاق القائم حتى اللحظة، كل الفقرات المقدمة في المشهد تشير إلى تحالف وزواج من نوع غير متكافئ أو متجانس بالمطلق، العتواني إلى جوار الأرياني وابتسامة عريضة من الأنسي في وجه جعفر باصالح.
وحمود عباد سعيد جداً بمرافقة صحفيي المعارضة في المنامة، والحزمي جالس كتف إلى كتف مع الخضر العزاني لمناقشة وضع انتشار الفضائيات ووزير الإعلام العمراني عضو في اللجنة ولا يزال وزيراً أيضاً، وبالمناسبة هو مستقيل سابق من البرلمان لكنه عاد إليه بعد أن صرفت له العلاوات الأخيرة بالكامل بما في ذلك الثلاث السيارات المخصصة من قبل صخر الوجيه الذي اعتنى بالعمراني، لأن سيارته كانت أشد المتضررين من محاولات الاغتيال المتكررة خلال أيام الرعب، ثم إني لا أتذكر من كان إلى جوار الوزير العمراني في الصورة،لكنه كان جالساً في طرف الطاولة ولم يترأس تلك اللجنة وهذا تواضع جيد في هذه المرحلة التوافقية شديدة الحساسية.
عموماً عبدالمجيد قباطي هو الآخر كون ملتقى أعلى للمجتمع الديمقراطي، وبحث عن مثقفي الجنوب المنزويين والمنسيين منذ سنوات، ذاهباً بهم إلى صديقهم القديم باسندوه كي يذكروه بأنهم يجب أن يكون لهم نصيب في حفلة تقسيم المناصب والتموضعات الجديدة..
والمدني شوقي هائل استعان بمجموعة من المشائخ لمؤازرته، في حين رفض الشباب هذا التوجه، لكنه لم يبخل بمقابلتهم وأصدر بياناً يوضح موقفه الوطني جداً.
وعدد من الوجوه التي كنت أشاهدها في الأحزاب أيام الكفاح المرير في الصحف المحلية والحزبية، رأيتها بربطات عنق أنيقة، على طاولة لقاء باسندوة بمسئولي الغرف التجارية، لا أعرف ما هو الرابط، لكن يبدو أن وضع الوفاق هذه الأيام رتب أوضاع ناس كثيرين الله يفتح عليهم يستحقوا أيضاً تعبوا كثيراً وهم مرابطون، لقد هرموا وهم بانتظار هذه اللحظة التاريخية.
ووحدهم عسكر القوات الجوية من كانوا سعداء بتكريم أسر شهداء طائرة "الانتنوف" وهم يهتفون باسم القائد الجديد بالروح بالدم نفديك يا " جند "، فيما انشغلت حورية مشهور بالتأكيد على أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ولا داعي بأن نحزن عليهم..
وبدا الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح مهموماً جداً وهو يشرح لباسندوة النشيط مشاكل مركز الدراسات والبحوث الذي وصل فعلاً لحالة يرثى بفعل انهماك الناس في البلاد بمواضيع بعيدة كل البعد عن البحوث والدراسات، في مقدمتها انجاز الثورة وإقناع باسندوة بإعادة قيمة الدبة البترول لوضعها قبل الثورة وهو الأمر الذي صار في عداد المستحيل في الوقت الراهن، والعجيب أن باسندوة كان هو العامل المشترك في غالبية هذه المشاهد، باستثناء تكريم العسكر وجلسة تبادل الابتسامات في تحضيرية الحوار.
كل هذه اللقطات التوافقية تابعتها في دقائق خبرية على شاشة قناة السعيدة بعد يوم صحفي شاق، لكن هذه النشرة العجيبة والتوافقية أصرت أن تذكرني في النهاية بالهدفين اللذين شحنهما المنتخب الكويتي في مرمى منتخب التوافق الوطني، مدشناً حصيلة أهداف يصعب أن أقدرها لكم الآن، مع أني حافظ الهدفين تماماً وكتبت عنهم تحليلاً لكن أحبت القناة تذكيري بهم قبل النوم للفائدة.
حدث ذلك في قفلة توافقية جعلتني اصب جام غضبي ولعناتي على كل هذا الهزل الفاضح والتناقض الصارخ، مطلقاً تساؤلاً من نوع: هل يعقل أن يكون كل هذا الحب كامناً في قلوب اليمنيين ولذلك قرروا أن يبتسموا ويتوافقوا بهذه الطريقة الجميلة؟.
بالتأكيد نحن شعب متسامح، بدليل أن الرئيس الوحيد في العالم الذي تقوم عليه ثورة، موجود بين ظهرانينا، يجتمع ويدندن ويغني ويتذكر الليالي الملاح وزمن الأفراح في بادرة تسامحية لم ولن ـ على طريقة الرئيس السابق ـ تحدث في أي مكان بالعالم.
الخلاصة أن هذه المشاهد التصويرية جمعت الشامي على المغربي على اليمني والصومالي كمان، إذ يصعب التكهن بنتائج هذه التوليفة العجيبة في القريب، لكنها انعكاس لحالات التوائم الأخيرة في علاقات الملف السياسي اليمني الشائك، حيث الصورة الباسمة بين علي سالم وعلي ناصر، والمحبة الغامضة بين أنصار الحوثي وأبناء صالح.
ووسط هذه الأجواء التوافقية يستمر مسلسل تصفية ضباط الأمن السياسي وتحويلهم لهدف نصع، دون أن يكشف أحد حقيقة من يقف وراء كل هذه الاغتيالات السرية.. الخلاصة البلد على شفا هاوية ويا حكومة التوافق عاد المراحل طوال.
وليد جحزر
توافق كامل الدسم! 1592