في الأول من يناير 2010م نُكب اليمن برحيل المناضل المهندس/فيصل بن شملان ـ رائد التغيـير ومثال النزاهة في اليمن وأحد مجدديها، مناضلٌ قديسٌ عرف بكفاءته وزهده ووطنيته وشجاعته،عمل لليمن طوال حياته طامحاً في إقامة دولة مدنية ديمقراطية، وعمل على ترسيخ مبدأ التغيير والتداول السلمي للسلطة الدرب السليم الذي رآه لإنهاء حكم أسرة فاسدة استحوذت على الثروة واغتصبت السلطة وعبثت بالمال العام واستهانت بالمواطن اليمني؛ فقرر البدء بالسير في اتجاه التغيير بخوض الانتخابات الرئاسية في 2006م عن المعارضة دونما خوف أو تردد أو انهزام بل خاضها بشموخ العظماء والأبطال؛ فاحتشد اليمن بأسره؛وللأسف نعلم اليوم من شخصيات كانت في النظام البائد أن فيصل بن شملان كان هو الفائز في هذه الانتخابات التنافسية الأولى في تاريخ اليمن بفضل شجاعته وإقدامه،لكن المخلوع صالح هدد حينها بسحق اليمن؛ إذا أعلن فوز بن شملان، ففضل بن شملان السياسي والإنسان أن يجنب اليمن العنف والاقتتال بقبول الأمر الواقع بما فيه من افتئات وتزوير فاضح لإرادة الشعب.
لم تكن السياسة عند بن شملان فن الكذب والمراوغة والخداع، بل مارسها في الواقع أخلاق وصدق وحصافة واتزان،عرفناه هادئاً لا ينبت بكلمة إلا بعد أن يزنها بميزان من ذهب، لا يُستفز ولا يَنفعل مهما كانت حقارة وتفاهت خصمه،قابل الإساءة بالحسنة، والوقاحة بالأدب والوقار فيزداد عدوه سعاراً.. ويزداد وسط الناس حب واحترام فيصل بن شملان الرجل المدني العالم المتحضر.
رفع بن شملان شعار (رئيس من أجل اليمن لا يمن من أجل الرئيس) هذه الجملة الموجزة، ذات الدلالة الواسعة كان الفضل فيها للسياسي المبدع الأستاذ/علي الصراري ـ عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني ـ الذي اقترحها فنالت إعجاب كل القوى لتكون شعارًا لحملة الرئيس فيصل بن شملان؛بما فيها من تلخيص لما هو قائم ولما نريده نحن من خوض هذه الانتخابات،وخاطب بن شملان في تركيز وبعد الشباب فغرس فيهم نهج التغيير السلمي، ليحمل الشباب رسالته ويعلنون الثورة الشبابية الشعبية التي أطاحت بالمخلوع صالح ونظامه مذموماً مدحوراً كالشيطان الرجيم، وهكذا حال من رفض الخروج من باب الديمقراطية، وخرج من باب الثورة الشبابية الشعبية العارمة.
من يتابع سيرة بن شملان الوظيفية والسياسية يجدها مثالاً وقدوة ينبغي أن تُحتذى، له محطات ومواقف وطنية أصيلة لا يتسع المقام لشرحها فقد عرفها شعبنا قولاً وفعلاً قبل وأثناء انتخابات 2006م، كان رجل السلام والحوار والمحبة، وباعتقادي لو كان هناك تقييماً دولياً دقيقاً للأوضاع في اليمن والدور الذي لعبه رائد التغيير فيصل بن شملان في دعم لغة الحوار والسلام والنضال السلمي من أجل التغيير لمنح بجدارة جائزة نوبل للسلام؛لكنه لم يكن يبالي بذلك ولا يحب العيش تحت الأضواء.
وما خرج للمشاركة في الانتخابات إلا لأنه رأى اليمن على شفا الهاوية وإنقاذه واجب فردي وجماعي فنزل عند طلب المعارضة وقبل الترشح باسمها انطلاقاً من وطنيته وديدنه في التضحية من اجل الأمة.
إن رجلاً بحجم بن شملان يفترض أن لا تمر ذكرى رحيله وسط هذا البرود بل ينبغي أن تُحيا في كل الساحات والميادين وفي وسائل الإعلام المختلفة،لكنني بكل أسف أجد الأحزاب والقوى السياسية والمدنية مشغولة بأمور أخرى وهذا عار وخطأ نتحمله جميعًا ونأمل أن نكفر عنه في أيامنا المقبلة، ولا نامت أعين الجبناء.
3يناير2013م
محمود عبد الله شرف الدين
المناضل القديس.. فيصل بن شملان 1656