بالنظر لحالنا نحن اليمنيون فإننا جميعاً مهمشون في كثير من جوانب الحياة والمحزن أن هذا التهميش الظالم صنعته أنانية مفرطة لقيادات أظهرت ذواتها على حساب ملايين اليمنيين لنغيب عن المشهد ؛ إلا من ظهور بائس يبعث على الاستهانة والقلق أحياناً , إلا أن هناك فئة من البشر من الذين غيبهم التمييز العنصري والنظرة الدونية -التي ارتبطت بهم- وعززها الخلل الاجتماعي الذي قسم الناس إلى طبقات بناءً على النسب أو اللون أو المهنة, وأوجد هوة واسعة بين فئات الشعب حتى توطنت الدونية في نفوس أفراد طبقات معينة مما جعلها تفقد إيمانها بذاتها ومن ثم كانت على هامش الهامش , والأدهى من ذلك أن تكشف لنا وسائل الإعلام عن وجود حالات استعباد في بعض مناطق اليمن بل وظهرت قصص عبودية مؤلمة للغاية بل لم نكن نتخيل أن نجد مثل هذا في القرن الواحد والعشرين , والمهمشون في اليمن يطلق –عادةً- على أصحاب البشرة السمراء وهو لفظ أكثر تهذيباً من وصف (أخدام) والذي يحمل معاني الذلة والانكسار, قد نجد مثل هذه العنصرية في كبرى دول العالم كأمريكا مثلاً إلا أن للأسود الأمريكي حقوقاً تساوي الأبيض هناك (وفق القانون على الأقل) وعليه استطاع الكثير منهم الاندماج في المجتمع وتقلد مناصب عليا في الدولة كان آخرها زعامة أمريكا ذاتها.. أما في اليمن فحالهم مؤلم للغاية قد يصل أحياناً حد عدم الاعتراف بآدميتهم , إلا أنهم كانوا يحضون باهتمام مؤقت في فترات ما قبل الانتخابات كمدد مرجح للفوز وإن كان الأمر أحياناً كثيرة لا يخرج عن دائرة الاستعباد واعتبارهم تابعين –بالفطرة- للزعيم والسيد والشيخ , وفي السنوات الأخيرة ربما وصل الوعي لنفر قليل منهم ممن تلقوا تعليماً جيداً بجهودهم الذاتية واستطاعوا أن يرفعوا أصواتهم في وجه الظلم الذي أغرقهم في غياهب الفقر والجهل والمرض والدونية المفرطة , وقد رأينا بعضاً منهم يحققون نجاحات كبيرة حينما يجدون الفرصة للخروج من هذه البوتقة القاسية, بما يؤكد أهميتهم في المجتمع إن تم تأهيلهم نفسياً وعلمياً ومهنياً للاستفادة من هذه الطاقة الهائلة والمهدورة , إن هؤلاء البشر ثروة عظيمة إن تم استغلالها الاستغلال الأمثل بما ينتشلها من هذا المستنقع ويستخرج أجمل ما فيها , وهي مهمة ضخمة ومكلفة أيضاً لكن ثمارها عظيمة وأهم ما فيها هو تحويلهم من هذه السلبية التي يعيشونها إلى كوادر إيجابية تساهم في العملية الإنتاجية, ومن عبئ ثقيل إلى ثروة متجددة تمنحهم الفرصة لإثبات ذواتهم ولا شك أن هذا سيحتاج إلى زمن طويل، لكن الأهم من ذلك أن نبدأ.
تغريدة..
الإنسان بحد ذاته ثروة بغض النظر عن جنسه أو لونه أو نشأته
توفيق الخليدي
المهمشون الثروة المهدورة 2255