إن المتأمل لمسيرة التغيير في اليمن يلحظ أنها تسير ببطء على عكس ما حلم به اليمنيون أثناء ثورتهم، فلقد كان الحلم بتغيير شامل يجرف كل أركان النظام السابق وبفعل الأمر الواقع أصبح التغيير جزئياً ويمر بصعوبة.
لقد انذهل اليمنيون مما حدث في مصر من هز لأركان النظام السابق في المؤسسة العسكرية وما سيلحقه من قرارات في القطاع المدني وما يحدث في بلادنا يكاد يكون أشبه بالمسكن، لكن علينا بالمقابل أن نتفهم دور الرئيس وحكومته في أخذ البساط تدريجياً من العائلة وصعوبة ما يتعرضون له من ضغوطات محلية ودولية.. في مصر جاء الرئيس وحكومته بانتخابات شرعية تنافسية ولم تكن المؤسسة العسكرية بيد العائلة وأظن أن لا أحد يستطيع إنكار الجيش المصري كمؤسسة عسكرية ذات استقلالية تامة بعيداً عن عائلة مبارك مع وجود ارتباط المولاة الشخصية لا العائلية، أما الرئيس اليمني وحكومته فأتوا إلى السلطة عبر المبادرة الخليجية أو ما يعرف بالتسوية السياسية وإن كانت الانتخابات للرئيس غير تنافسية بل توافقية، فلقد كانت لمجرد أخذ البساط من الرئيس السابق باسم الشرعية.
الواجب علينا أن نؤمن بالأمر الواقع ولا نبالغ في عدم القبول بما أنجز من تغيير في بعض المؤسسات، فالمؤسسات العسكرية والأمنية بيد عائلة واحدة، فما تم تغييره خلال الستة الأشهر الماضية ليس قليلاً، يجب علينا أن نشد على يد الرئيس بتغيير العائلة في قيادات الجيش والأمن، فعلى الإخوة الثوار والأحزاب وأخص اللقاء المشترك مساندة ما تم من تغيير حتى الآن وإن كانت بعض التغييرات غير مرضية.
واقعنا مليء بالعوائق التي تركها النظام السابق سواءً في بناء الدولة أو في السياسات الخارجية والتدخلات الأجنبية في البلد، فبالنسبة لمؤسسات الدولة تركها بيد عائلة وحزب معقد التركيب لا يستند لأي مرجعية سواء مرجعية النهب والسطو على موارد الدولة، فلم يعد أن تشاهد أو ترى مديراً لمصلحة أو مؤسسة أو حتى مدير مدرسة ابتدائية أو وحدة صحية في أي ريف يمني من خارج حزبه، ناهيك عن كبر المؤسسات، لقد اختزل اليمن كله في حزب واحد أو بالأصح عصابة.. وبالنسبة للسياسات الخارجية لقد كان كل همه الترويج لنفسه أنه القادر الوحيد على حكم من صورهم للخارج بالإرهابيين والشحاتين وكأن نساء اليمن عجزن عن ولادة رئيس يعيد لليمن تاريخه وحضارته ولقد ترك للتدخلات الأجنبية مواضع في أجزاء كثيرة من أرض الوطن.. فما علينا إلا أن نقف خلف رئيسنا والقبول بالتغيير الجزئي حتى نخلع عن حياتنا كل أركان النظام السابق.. كان الله في عون من أراد الخير لهذا الوطن.
محمد حمود المجيدي
مراحل التغيير 1989