دعونا ندخل مرحلة التفاؤل الحذِر بوجود اتفاق هدنة عيد الأضحى بين المعارضة ونظام الأسد، وهي لن تكتمل صورتها داخل قلق من الجانبين، وحتى لو جاء التوافق عليها من أعضاء مجلس الأمن ورأوها مدخلاً لانفراج قد يكون مقدمة لاتجاه يوقف الحرب ويبدأ سلسلة المباحثات والمساومات، وكل من يريد انتزاع تنازل من الطرف الآخر، إلا أن المخاوف تبقى كبيرة وقد لاتسد جميع الفجوات..
النظام والمعارضة مدعومان عسكرياً وسياسياً، وهناك من يرى في الهدنة التي قد لاتصمد، التقاط أنفاس، وإعادة تجهيز لجميع الاحتمالات التي قد تنشأ في الأيام القادمة، لكن دعونا نرسم حدود ما سيُتفق عليه إذا تجاوزت الأزمة واقعها العسكري والسياسي، قطعاً لن يعود الحكم احتكاراً لسلطته القديمة وتدويراً لها بعد الأزمة، إذ هناك شروط ستدعم دولياً بإيجاد آليات حكم دستوري وديمقراطي يضمن انتخابات عادلة، وسن دساتير وقوانين تضمن الحريات للجميع، وقضاء مستقلاً، وإنشاء أحزاب، وإبعاد الجيش عن السلطة، وهذه الأمور يستحيل أن يقبلها نظام تعوّد إطلاق سلطته على سورية كلها، غير أن الرغبة المدعومة بوهم القوة شيء، والواقع المستجد شيء آخر..
فعلى الأرض هناك معارضة مدعومة بجيش حر، وهي غير المعارضة الصورية التي كان يتركها النظام تتنفس من منخر واحد، وحالما تتمادى يذهب أصحابها للسجون المؤبدة أو الإعدام، المعارضة الراهنة مثلما النظام مدعومة، فهي تتلقى نفس الإمكانات يعززها تنامي التأييد الشعبي لها، ثم إن دماء القتلى والمشردين والمعتقلين ممن يسميهم النظام بالإرهابيين، هم جزء من مناوئي النظام، وهؤلاء يصعب أن يُعتبر ما جرى لهم ضحايا نزاع، وهناك الملاحقات القانونية لنظام الأسد الذي مارس كل ما يتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية، سواء القتل المتعمد أو استعمال القنابل العنقودية، أو جرائم الشبيحة والجيش وانتهاك الأعراض وقتل الأطفال والمسنين..
إذن ثمن الهدنة الدائمة، واللجوء للعمل السياسي بديلاً عن العسكري لا تتم مقايضتهما بحلول لا تصل إلى إنهاء كل الإشكالات، وأولها مستقبل حكم الأسد، وحتى لو اعتبره البعض الضمانة، كما يتصورون، لعدم انزلاق سورية لحرب أهلية، فهو الجسم المرفوض وقوته لن تحميه، إذا ما كشفت الوقائع أنه مجرم حرب، ثم إن الأغلبية سواء المحاربة، أو الصامتة، تنظر للسلطة بأنها فئوية طائفية، ومتحالفة مع إيران التي تعادي الطوائف الكبرى، والصغرى السورية، عدا العلويين، وهذه قاصمة ظهر، إذا لم يتحد السوريون لتغيير أسس النظام ورؤوسه، لكن ستنشأ جبهة مساندة له من روسيا وإيران والعراق، مقابل أعضاء في مجلس الأمن ومعظم الحكومات العربية ما يضعف الأمل بأن تستمر الهدنة ويُتفق على حل يقبل به الفرقاء..
*نقلاً عن "الرياض" السعودية
يوسف الكويليت
هل تنجح هدنة الابراهيمي 1511