الغربيون يرون بالإسلاميين السوريين بعد سقوط الأسد خطراً باعتبارهم يحملون ثأر ما جرى في حماة، بينما نفس الأجنحة تحكم مصر وتونس وقد تكون المخاوف مبررة قياساً للطروحات والسلوك التي تتبعه قياداتهم، لكن القضية في سوريا لا تتعلق بأقلية وأكثرية دينية إذا كان النظام لا يفرق بينهم بالقتل والتهجير، والجيش الحر الذي هو القوة الموازية لم يرفع شعارات دينية أو التعهد بالانتقام، بل أكد على حماية الأقليات جميعاً بما فيها المسيحيون الأرثوذوكس والذين طالما جاءت ذرائع تسليح الأسد من قبل روسيا باعتباره الضمانة لحمايتهم..
السؤال: لماذا الحدث في سوريا يكبر ويأخذ مداه عن حوادث أخرى بالمنطقة، السبب يعود إلى طبيعة النظام وتركيبته ونزعته الإرهابية المبررة بالطائفية، والثاني أن موقعها الحساس بين قوى مختلفة تتباعد وتتلاقى أفكارها وعلاقاتها، يجعل سوريا محور الأمن والتوتر، ولذلك حين قبضت الأردن على مجموعة مرتبطة بالقاعدة أرادت القيام بعمليات خطيرة وبواسطة أردنيين أدخلوا متفجرات وأسلحة ونظم تفجير من خلال سوريا، يطرح الشك بأنهم موظفون منها حتى لو تقاطعت بينهم ونظام الأسد خلافات سياسية ومذهبية متجذرة، فقد عملت إيران على توظيفهم رغم العداء، وسوريا قد تتبع نفس الخط في خلق فوضى في الأردن تؤدي إلى زعزعة أمنه أسوة بما فعلته بلبنان، وقبل ذلك بالعراق..
مع تركيا لا تستطيع توظيف العلويين وتحريكهم لمناصرتها، لأن ما يتمتعون به من امتيازات وحياة تتساوى مع بقية المكون الاجتماعي بتركيا، يفوق ما يتمتع به العلويون السوريون في الداخل، لكن ما يثير الإشكال التوافق التام بين نظام الأسد، والمالكي بتبادل المناوئين للنظامين من عراقيين أو سوريين، وعندما قيل إن الأسد الأب كان حاذقاً وصاحب رؤية بعيدة بمناصرته ثورة الخميني نسوا أن النوايا المبيتة لم تتضح، إلا بعد أن شكل تحالف النظامين اتجاهاً مضاداً لكل الأمة العربية، وأن الهلال الشيعي كاد أن يكتمل بوصول المالكي لحكم العراق، غير أن الثورة السورية غيرت المسارات وأن ما بناه الأسد الأب، أطاح به الابن، لأنه تعامل مع الشعب السوري كقطيع تحكمه أقلية مدعمة بالأسلحة والمال، ومهيمنة على الأمن والاستخبارات، وأصبحت إيران في هذه الثورة اللاعب وسوريا وسلطتها المتفرج..
تركيا، ورغم سلبية ما يقال عن مواقفها، هي من يدعم المعارضة وتحمي اللاجئين، لأن رهانها على الشعب أقوى من حصر تأييدها لسلطة اتضح أنها تعاديها لحساب إيران وروسيا وأن دورها بالمنطقة لم يعد بتلك القوة التي كان عليها قبل انفجار الثورة، وفي الحسابات الأمريكية، صارت مناورة السباق على الرئاسة تُدخل سوريا في صلب السياسة الخارجية لها مع إيران، وعملية أن يدعم الجيش الحر بأسلحة من قبلها سوف يخلق معادلة مع الدعم الروسي، وقد يسقط النظام مثلما حدث لليبيا، وهذه المرة بدون تدخل قوة عسكرية أمريكية مباشرة، وإنما بالإرادة الشعبية السورية..
يوسف الكويليت
هل تحالفت القاعدة مع نظام دمشق؟! 1600