لا عزاء لرياضة الوطن.. فارس (أبين) الأصيل يدفع الثمن.. نادي (حسان) بعد أن كان لسنوات طويلة فارس لا يشق له غبار، أصبح بأمر قهري أثر بعد عين!.. نادي (حسان) القاطرة التي كانت تجر خلفها رياضة محافظة، وأحلام شبابها وأطفالها، وارث رجالها وكهولها أرسلوه بقرار تعسفي إلى المجهول وفي طريق باتجاه واحد بلا عودة، وأصبح بفعل الباطل يتجرع كأس الذل حتى آخر قطرة!.
النادي الذي ولد كبير، وفتح عينيه على التفوق، وكان رقم صعب، وقيمة ثابتة في كرة القدم اليمنية، وكان (دفره) يثير رعب الأندية، والذي إذا عطس ينجب نجم بحجم محمد سالم (العريس) ــ رحمة الله ــ وبوزن (الراعي) و(نعوم) و(جمال ناشر) و(الكيلة) و (باشافعي) و(سالم عوض) و(القعر) و(العولقي) و(وسام السيد) و(زاهر فريد)، والقائمة طويلة لم يشفع له تاريخه، فاصدر (الجبابرة) فتوى يهدر دمه، وغرسوا خنجرهم غدرا في ظهره، ونحروه، وتركوه ينزف إلى الرمق الأخير!.
بالطول بالعرض خسفوا بـ(حسان) الأرض.. عليه العوض ومنه العوض.. إن القرار الذي استعرض عضلاته على نادي يعيش لاجئ خلف سور مدرسة، وفي حكم المنكوب والمشرد، وجرده من حقه، ودحره من صف النخبة، وجرجره ليصبح نادي درجة ثانية، نعتقد أنه قرار قمعي بعيد عن روح وقيم الرياضة، فالعقوبة التي ادعوا بأنها انتصار للوائح كانت تقف خلفها أسباب غير المعلنة!.. ونعتقد أيضا بأن نادي (حسان) ضحية لحالة احتقان ليس له يد فيها حيث وجد نفسه محشورا في معركة تكسير عظام، وتصفية حسابات بين اتحاد الشيخ (العيسي)، وصقر الأستاذ (شوقي)، فالأول لم يرَ في الأحداث التي كانت تمر بها البلاد أزمة يمكن أن تؤثر على نشاطه، وأصدر قرار باستئناف الموسم الكروي، وسخر لوائحه لنيل ممن تصور أنهم خصومه، وأصر على تمريق أنف أندية المحافظة (الحالمة) التي لم تنصاع لقراره، وامتنعت عن المشاركة، والثاني لم يهزه صميل العقوبات، وتمسك بشرف كلمته، ودفع بكامل إرادته ثمن مبادئه ومواقفه، والتي على إثرها تم تهبيط أندية (الصقر) و(الرشيد) إلى الدرجة الثانية، ولكن لكي تكتمل الصورة، ويتحاشى الاتحاد نظرية المؤامرة، وتهمة ابتزاز رياضة (تعز)، كان لابد من كبش فداء (مقطوع من شجرة)، فوجدوا ضالتهم في نادي (اللاجئين) الذي تفرق شمله، وتخلى الجميع عنه، ونفضوا غباره عن أكتافهم، والعجيب في الأمر أن الأصوات التي كانت (تتنطط)، ويغريها الانتساب لهذا النادي لم نسمع لها صدا، وعجزت غيرتهم عن إصدار حتى بيان لتعبير عن تضامنها معه في محنته، وإن كانت بعض الامتيازات تمنعهم عن الشجب والاستنكار نحسب إنه كان بإمكانها العتاب كأضعف الإيمان!.
إن الذين يتعسر عليهم العيش، والعمل في مناخ نظيف لا ينتظرون من أحد أن يأخذهم بالأحضان، فالذين سولت لهم أنفسهم تجاهل ظروف و معاناة نادي (حسان)، وتركوه يغرق حتى أذنيه، وعوضا عن تدارك الخطأ، والتكفير عن ذنبهم، ومساعدته على العودة إلى مكانه الطبيعي بين الكبار على العكس من ذلك تبلد إحساسهم أكثر، وسمحوا بسقوط نادي بقيمته في ظلمات الدرجة الثالثة، وليكونوا بذلك قد شرعوا بدق المسمار الأخير في نعشه، هؤلاء غير جديرين بالثقة، وعليهم أن يخجلوا، وينسحبوا من ساحة الرياضة، ويخرجوا من بابها الخلفي، فبهذه العقلية المحنطة والمستبدة لن نتزحزح من البقعة المتعفنة.. إن كنا نظن بأن ضمير الفعل الثوري برئ، فإننا على قناعة بأن الجميع من أضخم رأس في وزارة الشباب و الرياضة، واتحاد كرة القدم، إلى أقصر ذنب في السلطة المحلية، والقائمين على رياضة المحافظة مشترك بقصد أو بالإكراه في هذه الجريمة التي أدت إلى اجتثاث نادي العاصمة (زنجبار) من جذوره.
(أبين) بلاد النحس والحاس والظلم الشديد.. نعتقد بأنه من الصعب أن تعود حياتها إلى سابق عهدها، فجرحها أعمق من أن تداويه سمسرة لجنة إغاثة، أو ارتزاق حملة أعمار!.. ومع احترامنا للبعض الذين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، إن معظم الأشياء في هذه المحافظة فاسدة ومسوسة ومنتهي الصلاحية ابتداء من المسئولين، وانتهاء بـ(قصعة الفول) و(جونية الدقيق) و(كيس العدس)!.. من المحزن والمؤلم معا أنه حين كانت المحافظة تدك، ويطحن كل شبر في عاصمتها كان كثير من مسئوليها يقتاتون من مأساتها.. وفي اللحظة التي كان فيها نادي (حسان) يحتضر كانت هناك كروش تنتفخ!.. إن حكموا ضميرهم، وأغاثوه حتى بالفتات مما نهبوه لكان مصيره مختلف، وربما كان له في ذلك طوق نجاة!.
اللهم إن نعوذ بك من الهم والغم، وغلبة الدين وقهر الرجال.. بقلوب مكلومة نشارك أبناء (فارس أبين) وجماهيره وعشاقه إحزانهم، ولا يسعنا إلا أن نقول لهم: "رحم الله ميتكم، وجبر مصابكم، والهمكم الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون".
1 Attached file| 12KB
ياسر الأعسم
حسان.. نادي المحافظة الفاسدة! 2259