عندما تشكلت حكومة الوفاق الوطني كنت – وكثيرون – غيري متفائلين بكثير من الوجوه في التشكيل الوزاري لهذه الحكومة، وكانت شخصية الأستاذ الفاضل / صخر الوجيه كوزير للمالية هي أكثر ما جعلنا نتفاءل بأن كثيراً من الفساد إلى زوال. صخر الوجيه الذي عرفناه كصخرة قوية في محاربة الفساد وفي المواقف الوطنية الشجاعة التي تشهد له أكثر من غيره.
ومع هذا فإن ما نكتبه هنا لا يعني أننا نكن أي كراهية أو حقد تجاه وزير المالية ولكننا نكتب من باب صديقك من صدقك وليس من كذب عليك. لم يتوقع أبدا موظفو وزارة الخارجية أن يتصرف معالي الأستاذ صخر الوجيه مع مطالب الموظفين الحقوقية والقانونية بهذه الطريقة غير المعتادة من انسان جاء به لهذا المنصب ثورة تغيير ضحى فيها خيرة شباب الوطن من أجل إصلاح الوطن وتحسين أوضاع جميع المواطنين بدون استثناء.
وزير المالية الذي لا بد أنه يدرك أن راتب موظف وزارة الخارجية في الداخل يتراوح بين الثلاثين والأربعين ألف ريال وبدون أي حوافز أو مكافآت أو أي إضافة أخرى قليلة أو كثيرة لهذا الراتب المتواضع، ومع ذلك لم يكن مبرره لرفض طلب الموظفين بتحسين أوضاعهم المعيشية مبررات فنية أو منطقية ، بل كان لسان حاله أنه لن يعطي إلا ما أعطاه الأولون من وزراء المالية السابقين للوزارة !! غريب أن يصدر هذا القول من وزير التغيير والثورة ولو كانت هذه الإجابة جاءت من غيره لكانت أهون علينا كلنا الذين يملؤنا الأمل بالتغيير للأفضل.
موظفو وزارة الخارجية لم يكونوا في جزيرة معزولة بل كانت وزارة الخارجية وكثير من منتسبيها ممن اظهروا وبكل جرأة تأييدهم للثورة والتغيير منذ البداية، وحتى لو لم يكن لهم مثل هذا الدور فهل هذا يعفي وزير المالية من تحقيق المطالب الحقوقية والمشروعة للموظفين ؟ هل كنا ننتظر من كل هذا التغيير إلا الحصول على الأفضل ؟ أم أن مطالب التغيير تصيب قوماً دوناً عن غيرهم !
ما نريد أن نوصله لمعالي وزير المالية أن محاربة الفساد لا تكون بدور " أمين الصندوق" النزيه والذي لا يصرف المال لأحد !! بل أن محاربة الفساد تكمن أول ما تكمن في تحسين أحوال موظفي القطاع الحكومي بلا استثناء، وكوزير للمالية عليه أن يخطط ويبحث عن التمويل المناسب للمطالب الحقوقية والمشروعة لا أن يقول ليس لدي إلا هذا وكما كان يعمل الأولون نعمل من باب ما بدى بدينا عليه ! بل والأدهى من ذلك أن حتى مطالب الموظفين بتنفيذ لائحة قانون السلك الدبلوماسي المعتمدة في العام 1991م لم تلقى تأييداً من وزير المالية بدون سبب مقنع أو مبرر !!!
إن كان ولا بد فإننا نأمل من معاليه أن يكون القدوة هو وغيره من الوزراء إذ لا يعقل مثلا أن تنشر الصحف مؤخراً – على سبيل المثال لا الحصر – خبر ذلك الوزير الذي أصدرت له وزارته قيمة تذاكر له ولأسرته بالملايين للسفر في رحلة علاج صحي لبانكوك !! بينما الموظف العادي يضطر لأن يستدين أو حتى يتسول ليحصل فقط على بضع الآف يشتري بها علاج لبعض أطفاله إذا اصابتهم مصيبة المرض.
من السهل التشدق بالأمانة والنزاهة في الوقت الذي يبلغ فيه راتب المسئولين مئات الأف ولديهم فوق ذلك اعتمادات لا أول لها ولا آخر، بينما كموظفين في الحكومة لا يوجد لدينا حتى تأمين صحي محلي ناهيك عن أن الراتب يكاد يكون موازياً لمبلغ الإيجار الشهري لسكن الموظف.
مطالب موظفي وزارة الخارجية ليست مطالب مستحيلة ولا غير مشروعة, بل هي مطالب حقوقية وقانونية سبقهم فيها كثير من موظفي الحكومة الذين مسهم الضر والأذى وتضرروا من فساد قلة قليلة في مؤسساتهم أكلت الأخضر واليابس في الوقت الذي لم يجد الموظفين آنذاك وفي السابق من يدافع عن حقوقهم ويدعم مطالبهم في العيش الكريم.
إن آمالنا التي عقدناها على تولي شخصية وطنية ونزيهة كالوزير صخر لوزارة مهمة كالمالية لم تكن آمال تتعلق بشخص إذا ترك الوزارة فستعود إلى ما كانت عليه ! ثم أن الدعوة لتطبيق ما كان عليه الوضع في السابق ما هو إلا قتل لشهداء الثورة وشهداء التغيير مرتين ، فمن قدم التضحيات للتغيير قدمها لحبه لجميع ابناء الوطن ورغبة منه أن تخرج اليمن بكل ما فيها ومن فيها من ممارسات خاطئة قادتنا إلى ما كنا فيه.
نأمل من وزير المالية أن ينظر للمسئولية والأمانة التي تقع على عاتقه، فنحن في وطن جديد نبحث فيه عن المؤسساتية ونبتعد عن شخصنة الأمور والمناصب ، والسؤال الموجه لمعالي الوزير صخر الوجيه والذي نتمنى أن يفكر فيه بهدوء وموضوعية هو: بعد سنة وبضع أشهر من اليوم وعندما تترك الوزارة هل سنذكرك كوزير استراتيجي خطط وطور من عمل وزارة المالية وعمل على تحسين أوضاع موظفي القطاع الحكومي الذين يعدون الأساس لنجاح عملية التنمية، أم أننا سنتذكر الوزير الذي تعامل مع وزارة المالية وموظفي الحكومة بعقلية " أمين الصندوق" حتى لو كان نزيهاً !!!
سامي الباشا
يسألونك عن التغيير .... 1826