إن حرية الصحافة تعد من أهم الركائز الأساسية للديمقراطية الحقيقة في جميع أقطار العالم التي تحترم القوانين والحقوق المدنية وحقوق الإنسان، ولم يعد مقبولا بعد نجاح الثورة الشبابية السلمية في اليمن التضيقات التي تحدث على حرية الإعلاميين والصحفيين والكُتّاب وأيضا الاعتداء على الصحف وحجزها ومصادرتها وحرقها كما حدث للصحف العملاقة الحرة الصادرة عن مؤسسة الشموع اليمنية كصحيفة "أخبار اليوم" وصحيفة "يمن فوكس" الناطقة بالانجليزية وتعرضهما للحجز والمصادرة من قبل اللواء (33) معسكر (لبوزه) بمحافظة لحج ومصادرة (15)ألف نسخة مخصصة لمحافظتي إب وتعز واحتجاز موزع الصحيفة وباص التوزيع ليوم الاثنين 10/9/2012م العدد (2770).
فما حدث من قبل أفراد النقطة من حجز للصحيفة ليشكل جريمة واعتداءً سافراً ليس على حرية الكلمة ورجال الصحافة فحسب بل انه إعتداء على كل مواطن يمني حر يتطلع إلى معرفة كل جديد عن طريق الصحافة الحرة.
وقد تساءل الكثيرون عن العمل الرئيسي لأفراد النقطة؟ وهل هو حماية المواطنين وأمنهم واستقرارهم والمحافظة على ممتلكاتهم وحماية الصحف التي تمر ؟الم يعلموا أن مهمتهم واسعة تشمل حماية وزارتي الداخلية والدفاع من البلاطجة الذين قاموا بالاعتداء عليهما وأيضاً بسط نفوذ الدولة وهيبتها على المناطق التي تسيطر عليها العصابات المسلحة أم أنهم تحولوا إلى بلاطجة وقراصنة وقطاع طرق؟ أسئلة تطرح نفسها على الأخ رئيس الجمهورية واللجنة العسكرية والأمنية العلياء ووزارتي الدفاع والأمن، لاسيما وهم المعنيون بحماية الصحف وحرية الكلمة وإزاء هذه الجريمة النكراء التي تعرضت لها الصحف الحرة المستقلة وألحقت بها أضراراً مادية كبيرة ومبالغ مالية طائلة لابد من المسائلة الجنائية الفورية لقيادة اللواء (33) ووضعها أمام خيارين.
(الأول) أن تثبت قيادة اللواء ولاءها لله ثم للوطن وذلك من خلال إحالة ضباط وأفراد النقطة المعنين إلى المحاكمة الجنائية العلنية المستعجلة فيتولى القضاء محاكمتهم وإنزال أقصى العقوبة بالجناة وإلزامهم بالتعويض المدني العادل للصحيفة والمؤسسة عن جميع الأضرار المادية (الثاني) في حالة أنه لم يتم تنفيذ الخيار الأول فلا بد من إحالة قيادة اللواء إلى المحاكمة وتحمل المسئولية الكاملة وهذا هو مطلب كل اليمينين اليوم. فلقد استبشر اليمنيون خيراً وبخاصة دُعاة الصحافة والإعلام الحر بعد رياح التغيير العربي التي هبت على البلد بعد ثورة 11فبراير 2011م متأهبين لأن يأخذوا دورهم المنشود في توفير قاعدة المعرفة بمجريات الأحداث وتقديمها للجمهور كمادة موضوعية تلبي رغبات شرائح المجتمع كافة حيث لكل من التوجهات قراء ومتابعين ومشجعين.
والشيء الخطير بل والأخطر منه ما يحدث اليوم من حجز للصحف وتضييق على الصحفيين وهو ما كان يحدث من قبل النظام السابق أثناء الثورة الشبابية وما قبلها، حيث كانت الصحف تتعرض للاحتجاز والمصادرة أسبوعياً وأحياناً بشكل يومي بُغية إخماد الثورة لكنها نجحت بإسقاط الرئيس السابق والإتيان بالرئيس الجديد (عبدربه منصور هادي)ومن يظن اليوم عودة عجلة التاريخ إلى الوراء أو عودة النظام القديم أو إعادة إنتاجه من جديد فهو واهم.
وما حدث للصحيفتين يعد شيئاً مفاجئاً سيتحمل أفراده العقوبة الرادعة أمام قضاء الثورة ناهيك أن الثورة ما زالت مستمرة حتى تجتث ينابيع الفساد وتحاسب الفاسدين ما لم يتعضوا أو يتوبوا، والصحافة اليمنية بحاجة إلى عدة مطالب أبرزها توفير الحماية القانونية لمؤسسة الإعلام والصحفيين والأقلام الحرة وبما يضمن فعلياً عدم المساس بهم أو التجاوز من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية بحيث تعتقد هذه الجهات وتتيقن أن هناك عواقب وخيمة وعقوبات مؤلمة ورادعة للمسيئين من أفرادها تجاه الصحافة والإعلام وتقديم الدعم الكبير للنقابات واتحاد الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني مادياً ومعنوياً حتى تؤدي دورها على أكمل وجه ويكون لها صلاحيات قانونية اكبر للدفاع عن نفسها تجاه التجاوزات والاعتداءات وأيضاً العمل على إيجاد الوعي الحقوقي لمنتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية من خلال إقامة الدورات التأهيلية لهم حول حقوق الإنسان وعن كيفية تعاملهم مع المواطنين وشرائح المجتمع الأخرى.
فمستقبل الديمقراطية في اليمن أصبحت على المحك حيث القيام بحجز الصحف ومصادرتها وتكميم الأفواه يعني الرجوع إلى عصر الاستبداد والطغيان الذي ظل يحكم اليمن (33) عاماً كما أن توفر أجواء حرية التعبير وأداء الصحافة بدورها الحقيقي باعتبارها سلطة (رابعة) يعني الرقي بالديمقراطية وازدهارها ووصول المجتمع المدني إلى غايته المنشودة وذلك ما يهدف إليه اليمنيون الأحرار بعد نجاح ثورتهم المباركة .
/////
أحمد محمد نعمان
حِمَايَةُ الصّحُفِ وَاجِبُ أيّهَا الرّئِيْس 2106