;
حمزة العبدالله
حمزة العبدالله

عندما تتساقط أوراق التوت!! 1934

2012-09-05 02:26:11


لم أكتب أيَّ مقالِ منذ أشهر، وتوجهت لكتابة تدوينات قصيرة ساخرة علّها تكون أكثر انتشاراً لدى القارئين الإلكترونيين، ولكن أجد نفسي أعود لكتابة المقالات قسراً، فالأفكار بمجملها تحتاج لنوع من الإسهاب لتصبح أكثر وضوحاً.
ها قد مضت الأيام وأشتد عود الثورة، وبلغت من العمر منتصف عامها الثاني، باتت قوية بدماء الشهداء الأطهار التي روت جذورها ابتدءاً من ثلاثين سنة مضت ومروراً بشهداء الكرامة الذين تجاوز عددهم ثلاثون ألف شهيد موثق زادت البناء صلابة وتماسك، والمشهد يقترب من نهاية فصوله الأولى ليسدل الستار...
في مشهد الثورة السورية كثير من التفاصيل التي كانت مخفية؛ إصرار شعب على الحياة، وتضحية، وصمود، وكفاح، وصمت شعوب وقيادات مطبق...
في مطلع الثورة السورية كان هناك أعذار كثيرة لصمت الشعوب وانشغالها عن نصرة الثورة السورية كما يجب، فالبعض مغرر بهم، والآخر لكم يعرف الصواب، وآخر مغيب من قبل الحكومات والزعامات العميلة، وكان لا يزال هناك أمل بالحكومات والشعوب علّها تستفيق وتعود إلى بعض ما فقدته من عذريتها.. ومع مرور السنة الأولى من الثورة تكشفت الأقنعة وسقطت ورقة التوت عن الحكومات، واليوم هاهي تسقط عن الشعوب.
لست هنا في صدد المقارنة الجائرة، ولكن شعوباً قامت في فترات متعددة لنصرة القضية الفلسطينية – قضية الأمة المركزية – لم تعد اليوم قادرة على نصرة الشعب السوري كما يجب؛ فبالرغم من شلالات الدماء المستمرة والأشلاء المتناثرة، والأعراض التي تنتهك يومياً لا يزال هناك عزوف عن نصرة للشعب السوري ولو حتى بالهتافات والمظاهرات.
عندما كنا في مراحل التعليم المختلفة، لكم تعطلنا أياماً لنخرج مسيرات ومظاهرات تأييداً لقضايا الأمة وفي مقدمتها الانتفاضة الفلسطينية المباركة؟ ولكم اقتطعنا من راحتنا ووقتنا وجهدنا ومصروفنا اليومي البسيط لتلك النصرة!!
واليوم تجاوز عدد شهداء الثورة السورية عدد شهداء الانتفاضتين الأولى والثانية وما جرى بينهما وما تلاهما من مجزر وحروب...
طفل يقتل؛ مشهد قد نراه في الحروب، ولكن في سورية الطفل لا يقتل فحسب؛ ولكن يشوه وتقطع أجزاء منه وأعضاء من جسده، ومن ثم يرمى إلى أهله.
فتاة ينتهك عرضها أمام أهلها وأبويها ومن ثم ترمى، وتقتل عائلتها جميعاً على مرأى عينيها
يُجمع رجال وشباب قرية في ساحة وسط تلك القرية وتربط أيديهم وأرجلهم ومن ثم يبدأ مسلسل إهانات وتعذيب لا ينتهي، ونساء تلك القرية وأطفالها يشاهدون المشهد.
تستهدف مآذن المساجد، وقبابها، ومنارات الكنائس، فيختلط الدم المسلم بالدم المسيحي ليؤكد وحدة شعب أراد الحياة
يجبّر شاب على السجود لصورة الطاغية، فيرفض، فيعذب، ويسقط جثة هامدة فوق تلك الصورة
عائلة تذبح بالسكاكين؛ أم وخمسة أطفال، يقطعون وترمى أشلائهم على قارعة الطريق ويترك طفل رضيع حياً ليعيش مأساة لن تنتهي
تقصف مدرسة إتخذها الأهالي كملجأ، فيكون عدد الضحايا ما يزيد عن مائتي شهيد بين إمرأة وطفل وشيخ عجوز
وكثير هي مشاهد التنكيل التي تحرك الكائنات الجامدة، ولكنها لم تحرك تلك الأجساد الميتة، ولست هنا أعوّل، ولا يعوّل الشعب السوري على حكومات وزعامات منهزمة وعميلة، ولكننا نوجه خطاباتنا للشعوب التي باتت منعزلة وبعيدة كل البعد عن قضاياها المركزية.
إن كانت الشعوب قد انتفضت في يوم من الأيام نصرة لفلسطين، فليعلم كل فرد ممن انتفضوا، وكانوا هناك بالأمس في الساحات يهتفون تحت أشعة الشمس الحارقة، والعطش والتعب يساور أجسادهم، أن طريق تحرير القدس يمر من دمشق، وليس من سواها، ومن كان يظن غير ذلك، فليراجع التاريخ وشواهده الواضحة حين تكون الشام في كنف الأمة وفي عزة وكرامة تسعى هي ومصر لتحرير القدس ويكون ذلك.
الاستصراخ هو أين الشعوب، أين الفئات الحية من الشعوب!! فما يزيد عن 350 مليوناً من العرب، وما يزيد عن مليار ونصف من المسلمين هل باتوا غثاء كغثاء السيل؟
من المعيب أن يكون هناك مخيمات لجوء وموت يعاقب بها السوريون الهاربون من الموت المحقق إلى موت أكيد، بعيداً عن الأرض والوطن، وما مخيم "الزعتري" للاجئين، ومخيمات أخرى عن ذلك ببعيد، أوليس من العار على شعب عربي السكوت والاستهتار بأخوة لهم استجاروا بهم فإذا بالنصرة تأتي عكسية، فيُستقبلون بمخيمات لا يمكن وصفها إلا بـ "مخيمات ضد الإنسانية"، والشعوب لا تزال في نومها ورقادها لا تحرك ساكناً..
الشعب السوري كان عبر التاريخ شعباً مضيافاً استقبل من استجار به ولجأ إليه، واليوم ذات المشهد يتكرر بصورة عكسية؛ ولكن النتائج هي كذلك عكسية!!!
الشعب السوري لا يريد عطفاً من أحد، ولا يريد شفقة من أحد، ولا يريد أموالاً يتبعها منٌّ وأذى.. ولكنه يريد من الشعوب أن تستشعر جزءاً من دينها وعروبتها وإنسانيتها
كُتب على الشعب السوري أن يخوض معركة خلاصه من طاغيته والعصابة المجرمة لوحده لا ينصره سوى الله وثلة باقية باعت نفسها لله، والتاريخ لن يرحم من تخاذل..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد