كان يا مكان في قديم الزمان يحكي لنا الآباء والأجداد أن المسافر بحراً عبر مضيق باب المندب لا يكاد يصل بمركبة "السوق الشراعي" إلى ملتقى البحرين "البرزخ" حتى يعلن حالة الطوارئ ويستنفر البحارة، مبتهلين إلى الله بالدعاء لينجيهم من أمواج البرزخ، فينجوا القليل منهم، والكثير يغرقون في البرزخ فيكثر البكاء والنديب على الموتى ولهذا السبب سمي باب المندب بهذا الاسم.
وفي المقابل، فإن المسافر براً عبر الطريق الساحلي من الحديدة إلى عدن لا يكاد يصل ذُباب - مركز المديرية- ليستريح من عناء السفر ويقضي يوماً سياحياً على شواطئ مضيق باب المندب الجميلة حتى يجد ما لا في الحسبان، مضيق باب المندب المشهور عالمياً بموقعه الاستراتيجي للجمهورية اليمنية يفتقر لأساسيات البنية التحتية، وما زال يعيش حياة ما قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م بما تحمله هذه الكلمة من معنى، فالكهرباء ما زالت فوانيس الجاز المصدر الوحيد للطاقة، بالإضافة إلى "كشافات الصين الشعبية" والبوزة "الوايت" مصدرنا الأساسي لشراء حاجتنا من المياه، رغم ما يعانيه الصياد من ظروف اقتصادية صعبة جداً، ومع ذلك يدفع الصياد "3%" من إنتاجه السمكي للوزارة دون أن يلمس الصياد أي خدمات من الوزارة، أما في مجال الصحة فحدث ولا حرج، فالمستشفى العام بذُباب والمراكز الصحية خاوية على عروشها، وحتى عندما تبحث عن الإسعافات الأولية، فياترى إلى أين ومن وما الأداة التي يتم بها الإسعاف؟ فهي للأسف عارية، ونتيجة لذلك فهي تمنح كل المرضى رحلات سفر علاجية إلى خارج المديرية كلاً على حسابه، ونظراً لعدم القدرة فإن لسان حالهم قول الله عز وجل: "وإذا مرضت فهو يشفين".
وفي الحقيقة فالدولة اعتمدت مشاريع بمئات الملايين، ولكن هذه المشاريع متعثرة وذاك مشروع لم يستكمل، المهم المواطن لم يلمس أي خدمة أساسية.. لماذا؟! وتلك الملايين أين تذهب؟ هل غرقت في برزخ المضيق؟! وهل من المعقول محطة الكهرباء بالمخأ تغطي أجزاء من محافظات الجمهورية ولم تتحمل مديرية باب المندب؟! الأقرب إليها من حبل الوريد..
نصف الحل: الماء، تستطيع أن تشرب من البحر بس نحتاج إلى سكر لتحليته.. وبين المضيق والطريق كما قال الشاعر:
من لم يمت بالبحر مات بغيره × تعثرت المشاريع والصبر واجبُ
عبده عنبرة
رحلة إلى مضيق باب المندب.. 2592