هذه الأيام يتم الإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني والذي تشارك فيه مختلف القوى السياسية اليمنية في الداخل والخارج، بهدف الخروج برؤية مشتركة حول مستقبل البلاد والشروع في بناء اللبنات الأولى لليمن الجديد.. وبحسب لجنة التواصل والاتصال فإن معظم تلك القوى السياسية في الداخل والخارج قد أعلنت مشاركتها في مؤتمر الحوار عدا نائب الرئيس السابق علي سالم البيض الذي وجهت إليه دعوى ولم يرد عليها بعد، وما ينتظره ملايين اليمنيين من هذا المؤتمر هو اتفاق جميع الأطراف والقوى المشاركة فيه حول المرحلة القادمة بمختلف التفاصيل الدقيقة، خاصة وأن السقف مفتوح لمختلف الرؤى والأفكار والتصورات ومن ثم فتح باب النقاش حول كل رؤية، وفي حال نجاح هذا المؤتمر فإنه سيكتب للوطن مستقبل جديد وللمشاركين في المؤتمر احترام وتقدير الجماهير اليمنية، أما في حال الفشل لا قدر الله وتشبث كل طرف بأفكاره فإننا سنعود ليس إلى المربع الأول بل إلى نقطة الصفر، لان فشل مؤتمر الحوار فشل للمبادرة الخليجية في إنقاذ اليمن من شبح الحرب الأهلية ومؤشر خطير حول ما يحاك لهذا البلد من خلف الكواليس وهذا ما يجب أن تدركه لجنة الاتصال ومختلف الأطراف المشاركة قبل الجلوس على الطاولة استشعاراً منها بأن الوطن وأبنائه أمانة في أعناقهم جميعاً وما قد تشهده البلاد إيجاباً أو سلباً عقب هذا المؤتمر يتحملون جانباً من المسئولية, ولا يمكن إيجاد مخرج آخر بعيداً عن نتائج المؤتمر وتوصياته، لأن ذلك يعد حرثاً بالماء وأحد سياسات النظام السابق المتمثلة في ترحيل الأزمات والتي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، وعلى الأخ رئيس الجمهورية استكمال ما بدأ بها من خطوات نحو إصلاح الوضع الداخلي بشكل عام وفي مقدمة ذلك ملاحقة عناصر القاعدة أو ما يسمون أنفسهم أنصار الشريعة وتطهير البلاد من تلك العناصر دون توقف مثل الدخول في حوار وغير ذلك كما كان يتم في السابق، لأننا وخلال الأشهر الماضية منذ التوقيع على المبادرة نجد أن هنالك أطرافاً تأخذ ما يحلو لها من بنود هذه المبادرة وتتغاضى عن كل ما لا يروق لها من تلك البنود لتقفز إلى البند الآخر دون استكمال البند السابق.
ونحن الآن نعد لمؤتمر الحوار الوطني يجب علينا أن نضع العديد من الأسئلة أمام قيادات أحزاب اللقاء المشترك التي أعلنت انضمامها إلى الثورة ودعت شبابها إلى الالتحاق بساحات الحرية والتغيير في وقت مبكر، ما الذي تحقق من المبادرة الخليجية؟ صحيح أن المشير/ عبد ربه منصور هادي أصبح رئيسا للجمهورية لكن لا يزال علي صالح يدير العديد من المؤسسات والمرافق الحكومية وأذكر أنه عندما نشب خلاف بين وزير المالية وأمين عام محلي إب، قامت قيادة محلي إب بمخاطبة رئيس المؤتمر الشعبي العام وتشكو له قيام وزير المالية بتوقيف حسابات المحافظة وكذلك هو الحال في كافة محافظات الجمهورية ومعظم الوزارات، وكذلك فيما يخص هيكلة الجيش فقد تم تغيير ما نسبته (10 %) من قيادات المناطق العسكرية والوحدات الأمنية العليا وتم تجاهل الباقي، الأمر الذي يوحي بأن اليمنيين لا يزالون في فخ السياسات السابقة المتخبطة "ما بدا بدينا عليه" وليس ترحيل الأزمات فحسب، بل وترحيل بنود المبادرة الخليجية لننتظر المفاجأة الكبرى وعقب انتهاء فترة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمحددة بعامين ونكتشف أننا لا نزال بحاجة إلى عامين أو أكثر لاستكمال بنود المبادرة الخليجية التي للأسف لم تعترف بثورة الشباب وتعاملت معها على أنها أزمة بين حاكم ومعارضة دون النظر إلى معاناة وهموم الملايين من اليمنيين.
وعندما يظهر إلى السطح الحديث حول إخلاء الساحات من المعتصمين في ظل صمت معارضة الأمس وشركاء اليوم فإن هنالك العديد من المؤشرات حول مصير الثورة الشبابية وأهدافها السامية والمبررات طبعاً ضغوطات دولية دون أدنى اعتبار للمصلحة الوطنية التي يتشدق بها الجميع..
عبدالوارث ألنجري
لا لترحيل الأزمات 1776