بعد مضي أكثر من عامٍ ونصف من اندلاع الثورة الشبابية الشعبية في اليمن وما تخللها من إنجازات وما واجهتها من صعوبات وما ظهر خلالها من اختلافات وتباينات في الرؤى والأفكار والتوجهات، بعد هذا كله كان من الواجب علينا أن نقف وقفة مراجعة لكل الخطوات التي أنجزناها وكل المواقف التي أجريناها ليس بغرض اللوم والتأنيب على الخطأ إن وقع والحسرة والندم على الفرص الفائتة إن حدث ذلك مع قسوة ذلك أحياناً ولكن من أجل الاستفادة من الدروس والاعتبار من المواقف لتجاوزها مستقبلاً وتعزيز الصحيح منها على ضوء ما هو قادم، نقول هذا ونحن نرى بعض التباينات بادية على السطح بشكل مؤسف وصل بعضها حد التخوين والحديث عن بائعي دماء الشهداء وعلى إثره ظهر ما يمكن أن يقال عنه مزايدات باسم الساحات والشهداء والجرحى وما إلى ذلك من قيم سامية كان الأحرى أن نربأ بها عن ذلك .
من الأخطاء التي نقع بها عادة أننا نعيب على الآخرين بعض الأعمال وننتقدهم على بعض التصرفات بل ربما نؤاخذهم على أصغر الهفوات وأحياناً نترصدهم، باحثين عما نثبت به للناس أن فلاناً من الناس أو مجموعة منهم مخطئون، متناسين أن الخطأ والنسيان صفتان فطرية جبل عليها البشر وأن من لا يخطئ هو من لا يعمل فقط؛ متغافلين عن ذواتنا وعن بشريتنا التي يعتريها النقص والخطأ ونبدو في أعيننا وكأننا الحقيقة وتغيب عنا أخطاؤنا وربما أخذتنا العزة بالإثم، فلم نعد نقبل أي نقد ونعد ذلك استهدافاً ومحاولات لوأد قناعاتنا ثم ترانا نتصادم مع إخوة الدرب الثوري ورفاق النضال السلمي وبعد أن كنا نتلقى الرصاصات الجبانة بصدورنا العارية في ساحات الحرية والتغيير أصبحنا نتلقى الاتهامات الخطيرة بقلوبنا التي تلاقت على مصلحة الوطن وتسابقت في ميادين الشرف والبطولة من أجل أسمى القيم وأنبل المبادئ، إننا وفي ظل ما وصلنا إليه مطالبون كأفراد وتكتلات وأحزاب أن نعيد النظر في كل شيء، بدءاً من ذواتنا وكلماتنا وانتهاءً بمواقفنا. وأعجب من ذلك أن ترى ثائراً مناضلاً ربما من سنوات يقف مع من حارب الثورة ورقص على وقع أنين الجرحى وبسالة الشهداء, ليس لشيء إلا نكاية بفصيل معين أو حزب ما أو ربما انتصاراً للذات دون تقييم لما يقوم به أو نظرة تريث لما يخطو إليه, فكيف يرضى ثائر كهذا أن يصوب سهامه إلى أخيه الثائر الذي عاش معه شهوراً من المعاناة وواجه معه الرصاص والقتل في تلاحم يمانيٍ أدهش العالم وأحيا فينا روح التوافق والتآخي التي ظلت مغيبة لسنوات في ظل حكم قام على الإدارة بالأزمات وساد على حساب التفريق بين القوى السياسية المختلفة بل والبيت الواحد، فهل من وقفة تقييمية صادقة نستهدف بها ذواتنا قبل أن نستهدف الآخرين؟ على ضوء ما خرجنا من أجله وناضلنا في سبيله وضحينا على أثره بالأموال والدماء والغالي والنفيس, ولا ننسى أن عداءنا لبعض ووقوفنا ضد بعض هو انحراف عن الدرب وتضييع لدماء الطهر التي سقت هذه الأرض الطاهرة.
تغريدة:
يجب ألا ننسى ونحن نشير بأصبعنا إلى الآخرين أن بقية الأصابع تشير إلينا أيضاً
توفيق الخليدي
وقفة تقييم ثورية 2083