إن آفات الفساد تلاحقنا أينما كنا، فمن بين رُكام الفساد الذي ملأ مُعظم مؤسسات الدولة اليمنية، وحُطام الهدامين المجرمين الذين حطموه بمعاولهم، ورائحة نتنهم الذي تشتمه حتى الأنوف المزكومة؛ يُطل علينا من ينادون ويدعون بما أسموه (عدم اغتيال الشخصية) ! أي عدم ذكر الفاسدين، والسكوت على كل هذا الفساد والدمار والنهب، وبلع الموس مهما كان قاتلاً وجارحاً، مقابل عدم جرح إحساس أحد الفاسدين وخدش مشاعره !.
يذُكر في تاريخ الخلافة الراشدة أنه تم اغتيال شخصية خليفة المسلمين عمر بن الخطاب كلامياً، قبل أن يتم اغتياله فعلياً بخنجر أبو لؤلؤة المجوسي ويستشهد؛ وذلك حين وقف رجل من المسلمين وعمر يخطب على المنبر، محاسباً عمر ومتهماً إياه بأنه أخذ ثوبين من الأثواب التي وُزعت على المسلمين آنذاك، في حين أن بقية المسلمين حصل كل واحد منهم على ثوب واحد؛ ليتبين أن عمر كان قد لبس ثوب ابنه عبدالله في ذاك اليوم ولم يأخذ ثوباً ثانٍ كما ادعى ذلك الرجل، ومع ذلك؛ لم نقرأ أو نسمع أن عمر قمع ذلك الرجل أو طلب محاسبته، أو سأل هل هو من المهاجرين أم هو من الأنصار، أو أرسل له الجنود والحشود ليوقف اغتيال الشخصية.
بصراحة، إنا نهنئ أولئك الفاسدين وقطاعي الطرق، بل نحسدهم على ما هم عليه من الرعاية والحماية؛ للحد الذي تصل فيه تلك الرعاية إلى الخوف على مشاعرهم وأحاسيسهم من أن تُخدش أو تصاب ! إذ يبدو أن الذين يرعون الفاسدين ويحمونهم، يطالبون بعدم اغتيال شخصياتهم، حتى ولو كان البديل أو المقابل لذلك هو اغتيال الشعب أو اغتيال الوطن بأكمله !.
وفعلاً هذا ما حدث ويحدث؛ حيث تمت محاولات اغتيال الوطن والشعب مرات عديدة، من خلال بيع ممتلكات الوطن، ونهب مقدراته، وطمس هويته، وتفتيت وحدته الوطنية، وإقصاء رموزه، وتزوير إرادته، والاعتداء على سلطاته، وفرض السياسات على الوطن والشعب رغماً عنه وما جرائم النظام السابق عنا ببعيد، فقضية ميناء عدن، وصفقة الغاز المباعة لكورية،خير براهين لذلك الفساد المنتشر، ليكون الوطن الغالي كجسد جعفر الطيار؛ تقطع يداه وذراعاه من اليمين تارة، ومن اليسار تارة، وهو صامد يتلقى الضربات والطعنات حتى يستشهد.
إن الذين يريدون عدم اغتيال الشخصية، وكأنما يريدون اغتيال اليمن بحضاراته، بل ويريدون اغتيال دينه وأعرافه وهويته ولهجته وشعبه، وكل ذلك من أجل عدم اغتيال شخصية فاسد !.
ها هو وطننا يكاد يموت اليوم كما يموت البعير، حتى وبعد أن قامت الثورة الشبابية، التي قامت من أجل القضاء على إنهاء تلك الشخصية، الملطخه بالفساد، والمستمرة بفسادها.
هنا ينتابني سؤال: هل دور هيئة مكافحة الفساد مُفعل في يمننا الغالي ؟!! فإذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا لم نسمع عن مسئول فاسد قد تم تقديمه للمحاكمة أو محاسبته وهم كثيرون في هذا الوطن الغالي إلى قلوبنا؟ أم أننا مازلنا نخشى من أن نجرح مشاعر وأحاسيس هؤلاء الفاسدين؟.. فلك الله يا وطني.
رائد محمد سيف
اغتيال الشخصية الفاسدة !! 2156