في تقاطع لبعض شوارع مدينة تعز شاهدت اثنين من تلاميذ المدرسة بزي الكشافة، يقفون إلى جوار شرطي المرور، ويقومون بمهمة تنظيم حركة السير في الشارع، كان منظر التلاميذ الصغار وهم يؤدون هذه المهمة رائعاً، فسرح بي فكري ليس بعيداً، فقد تصورت في هذه المناسبة أن إدارات المرور في كل محافظات الجمهورية بمشاركة إدارات المدارس تقوم بحملة توعية مرورية للتلاميذ، يتعرف فيها التلاميذ على قواعد السير في الشارع، وعلى الإشارات المرورية المختلفة، ويعزز لديهم تقدير رجل المرور، وبيان دوره الإيجابي في الحفاظ على النظام، وحفظ أرواح المواطنين من حوادث السير المرعبة، كما تصورت التلاميذ وقد توجهوا بخبراتهم التي اكتسبوها في هذه الحملة إلى أهلهم وجيرانهم، وتصورت الجميع وهو متحمس لممارسة قواعد وأنظمة السير بحذافيرها، تخيلتُ شوارع ليس فيها رجل المرور، بل فيها إشارات مرورية، يذعن الجميع لأوامرها، تخيلتُ شوارع لا أسمع فيها أبواق المركبات المتزاحمة، كما تخيلت شوارع لا تسير فيها السيارات على الأرصفة، تخيلت جميع السائقين وقد ربطوا أحزمة الأمان، وتصورت المشاة يعبرون من الأماكن المخصصة لعبورهم، كما تصورت الدراجات النارية تسير بانتظام في خط جانبي يوازي خط السيارات، دون أن يتفاجأ بظهورها المشاة أو السائقون، ودون أن تصطدم بهذه المركبة، أو ذاك الماشي، في هذه الشوارع لا أحد يتجاوز الآخر بطريقة خاطئة، ولا يفاجأ السائقون والمشاة بعاكس خط متهور، وفي هذه الشوارع تقف السيارات في المواقف المخصصة للوقوف، وليس على جانبي الشارع.. وسرح بي خيالي إلى أبعد من ذلك، فقد تخيلت كل واحدٍ منا يقوم بدور شرطي المرور، ينظم حركة المرور في موقعه، وفي مجال عمله، وبين زملائه أو طلابه، أو مراجعيه، أو زبائنه، ليتحول الوطن إلى شوارع كبيرة متسعة، نظيفة، مُنارة.. وفي غمرة هذه التخيلات شقت سمعي أصوات أبواق السيارت شبه المتلاصقة في شارعٍ ضيق، تكتظ على جانبيه عربات الباعة المتجولين.. لتعيدني بقسوة إلى واقعي المرير..!.
ليلى الغليسي
في أسبوع المرور العربي.. كيف يكون المرور؟ 1827