لا تهرع تعز بحثاً عن أولوية لدى القيادة الجديدة! هي لن تبحث عن شيء، ولن تلهث خلف أحد بعد اليوم, وعلى منصور هادي ومحمد باسندوة أن يدركا ذلك جيداً..
ولذلك كان عتبي كبيراً على وفد المجلس الثوري والأهلي الذي غادر المحافظة باتجاه الرئاسة لغرض وضع مطالب أبناء تعز على طاولة رئيس الجمهورية, فقد فوت علينا بهذه الخطوة المتسرعة فرصة اختبار الرئيس الجديد, الفرصة التي كان يمكنها أن تعطينا انطباعاً عن مدى فهمه واستيعابه لأولويات المرحلة الراهنة, ومدى إدراكه لضرورات وحاجات كل محافظة على حدة.
ولئن كان وفد شباب الثور قد استطاع ـ إلى حد ما ـ أن ينفض شيئاً من غبار عتبنا عليه،خصوصا حينما أبدى العديد من أعضاء الوفد ارتياحاً بالغاً لنتائج الزيارة, وخروجهم بانطباع "ممتاز" عن رئيس الجمهورية الجديد، الذي فاجأهم بصراحته وشجاعته، وأدهشهم بوسعة اطلاعه وعمق استيعابه لظروف البلد، وتعز على وجه الخصوص..فإن ذلك لا يعني بأية حال أن تعز قد قررت استئناف لهاثها استجداء لعطف الحكام,لقد لعبت تعز دور "المحافظة الذليلة المستجدية" لنحو خمسة عقود, وخرجت مع هذه العراضة الزمنية تجر أذيال الخيبة والمهانة, وهي فترة تكفي لتشيخ فيها أحلام عالم بأكمله،وليس فقط محافظة شاحبة, منهكة كهذه المصابة بلعنة الضيم والإهمال على طول الأزمنة, وتجدد الأنظمة !!
لا تعني المسألة أن توجها تعزياً جديداً يرمي "لمعاندة النظام الجديد"، ربما أن تعز ألفت التمرد الان..لكن للمسألة أبعاد وصلات أخرى تتصل بكبرياء نزف في الماضي كثيراً ولم يعد بوسعه مواصلة النزيف,كرامة تلطخت في أوحال الاستجداء والاستعطاف لثلة "فاسدين" تناوبوا على اغتصاب "الجمهورية اليمنية" وعلى ظهر تعز كانوا دوما يتركون اّثار خدوشهم،وبصمات وحشيتهم, ثم يذهبون محملين بأطنان الذهب والأموال..وكما وفيرا من لعنات الله والملائكة والناس أجمعين (!!)
هل من الضروري _مثلا_ أن يعرض أبناء تعز على رئيس الجمهورية الجديد حاجتهم لشربة ماء نقية, وشوارع نظيفة, وشبكة صرف صحي, وكهرباء, وغاز, وبترول, ووو...
ياااه كم تبدو أحلامنا مستحيلة على سذاجتها وبساطتها ! أقسم أنه حتى في حال تجاوز "التعزيين" مسألة "الكبرياء والكرامة"، فإن الخجل من تفاهة مطالبهم سينتصب حائلا بينهم وبين أن يضعوها على طاولة القيادة السياسية الجديدة.
وعليه فإن على هادي أن يبحث في ملفات من سبقه من الرؤساء,بدءا بالأرياني,ومرورا بالغشمي والحمدي, وأخيرا "صالح"..وهناك سيجد نسخة قديمة متكررة تضم جملة من المطالب الحقوقية مذيلة بإسم "محافظة تعز"..إنها هي هي ذاتها المطالب(الأحلام) التي تتطلع إليها اليوم هذه المحافظة البائسة !
أنظر يارئيسنا كيف أن أحلام التعزيين وطموحاتهم لاتتطور ! ولا تتغير !..تعرضت تعز لضربات قاسية وموجعة من جلاوزة النظام البائد ومع ذلك ظلت ثابتة،صابرة, متمسة بطموحاتها "العادية"،ومطالبها "الحقوقية"..دون أن تدفعها موجة القسوة التي تعرضت لها إلى إشهار مطالب إضافية "تعجيزية" في وجه القيادة الجديدة, من قبيل "فك الارتباط", أو حتى "الفيدرالية"،كما فعلت محافظات أخرى !!
لا, لا, تعز ليست قاسية إلى هذا الحد ولا يمكن أن تكون كذلك.
تعز أحن على الوحدة، واللحمة الوطنية, من أن يدفعها "حنقها" إلى السقوط في فخ هذه الحبائل..لكنها بالمقابل لن تسمح لحاكم _أيا كان_ بأن يتجاوزها بعد الان، وستظل تنتظر وفاء القيادة الجديدة بصمت وترقب حذرين, ودون أن تدفعها طيبتها وبراءة تصوراتها تجاه الرئيس الجديد إلى خوض غمار الاستجداء والاستعطاف مجددا (!!)
هادي, باسندوة: لا تنتظرا قدومنا إليكم,فنحن هنا بانتظار تعهداتكما وعودكما إصلاحاتكم..بنفس قصير
قصير بحجم وشكل..المسمار !!
عبدالعزيز السامعي
تعز..أولوية بدون استعطاف !! 1480