كما هو معروف بأن التحكيم يعتبر ركن أساسي من أركان اللعبة، بل يعتبر أحد مكونات اللعبة الرئيسة، ولا يمكن أن تتطور لعبة كرة القدم ما لم يكن لهذا الجزء (التحكيم) موطئ قدم من التطور.
وفي اعتقادي الشخصي بأن التحكيم في بلادنا يشكل حال لا بأس بها بل أفضل بكثير من بقية مكونات اللعبة الأخرى إلا أن التحكيم والحكام يعتبرون (الجدار القصير) بالنسبة للكثير من رواد اللعبة، وهم كثر من لاعبين وجماهير وإداريين ومدربين وغيرهم بما فيهم الإعلاميين، فإذا انتهت مباراة بفوز فريق على الآخر لا نجد إعلامي أو غيره يرمي اللوم على مدرب الفريق المهزوم بأنه لعب بطريقة كذا أو كذا أو أن التغيير لم يكن مجدي، ويتحمل الخسارة لأنه كان بالإمكان أفضل مما كان وأيضا لم نجد من ينتقد الجماهير التي لم تآزر فريقها بشكل مطلوب بما يضمن لها تعديل النتيجة والفوز باعتبار الجوانب المعنوية للاعب أذا ما ارتفعت مهمة جدا جدا، وعامل رئيس للفوز، وكذا الحال بالنسبة للاعبين الذين يتهاونوا في التفريط بالفوز.
لكن على النقيض من ذلك فنجد بعض من رواد اللعبة بما فيهم بعض الإعلاميين يرمون سهام انتقاداتهم بسهوله جدا على الحكام حتى وإن كان لديهم (أي الرواد) قصور في فهم قانون اللعبة فإذا نظرنا إلى إحدى التعليقات الصحفية على إحدى المباريات، فنجد كيف يتم التهكم على الحكم جزافا بعبارة غير مركبه كاتبا (حكم المباراة لم يحتسب ضربة جزاء صحيحة مائة بالمائة من لعبه مشكوك في صحتها).
لكن أكثر ما شدني للكتابة حول هذا الموضوع ما قرأته في هذه الصحيفة من تحليل لأحدى مباريات دوري الدرجة الأولى بعنوان: (حارس المرمى والحكم.. العروبة يفوز في المباراة).
فاستغربت من كاتب المقال أو التحليل كيف حشر اسم حكم المباراة في موضوعه وأنه كان المتسبب في نصر فريق على آخر مع أنني كنت شاهد على المباراة وعلى الثلاثي حكام عدن في المباراة، ولم أشاهد على الواقع ما تطرق إليه كاتب الموضوع بل على النقيض من ذلك حيث استطاع الحكم ومساعديه من قيادة دفة المباراة إلى بر الأمان.
ولا أعلم هل أنا ممن يحاول أن يعالج الحماقة حين أطلب من رواد اللعبة ومنتسبيها الرفق بالحكام، وعدم تصنيف الأخطاء التي يقعون فيها بأنها نتاج (مؤامرة) تحاك في الخفاء، بل كيف يمكنني أن أوضح لهم أنه لا توجد مباراة كرة قدم على وجه الأرض لا تخرج بأخطاء تحكيمية سواء كانت مؤثرة أم غير مؤثرة، وسواء سلطت عليها الأضواء أم لم تسلط الأضواء عليها.
لكن للأسف الشديد نجد هناك من برمج عقله للاعتراض والتوجه بشكل تلقائي نحو الحكم أو التحكيم حتى على مباراة في (البلاستيشن) فنجد من يصيح ويقول (حرام عليك يا حكم)، وهي العادة التي يسلكها الكثيرون نتيجة لعدم فهم أو استيعاب الكثير من الأمور الرياضية أو إيجاد شماعة يختزل فيها أخطاءه وفشله ويدعمه في ذلك أعلام ملوث يقيس الأمور بمقياس المدرج العاطفي نفسه وليس العقلاني فيتوجه نحو التركيز على الأخطاء الواقعة على فريقه ويتجاهل بقصد أو بغير قصد الأخطاء التي استفاد منها فريقه سواء في المباراة نفسها أو في مباريات أخرى.
أن هذا النسق العاطفي غير المتزن يعد إحدى أسباب تخلف كرة القدم اليمنية إلى جانب الكثير من الأمور التي يعرفها الجميع في منظومة كرة القدم.
وأنا هنا لست مدافعا على حكم المباراة الشاب فراس أزهر الذي يعد من الحكام الشباب البارزين والذي نتوقع أن يكون له شأن كبير في رحاب المستديرة، ولست أيضا مدافعا على حكام عدن الذين يعتبرون من أنزه الحكام والذين هم امتداد لعمالقة التحكيم والمشهود لهم منذ الخمسينات من القرن الماضي أمثال أحمد محمد الفروي ومحمد أحمد مقبل ومحمد مسرج وعلي حاجب وسعد خميس وسيف محمد غالب وغيرهم.
علي صالح أحمد
الحكام...... 1391