مر عام ٌ كاملٌ من جمعة الكرامة, لونه لون الدم الذي أُهرقَ في ساحة الكرامة والحرية , مضى عام والشعب اليمني مرابط في نفس المكان وبنفس الزحم والشعور, في حالة قلما تتكرر في التاريخ , نتذكر ذلك اليوم الأليم والمأسوي والحزين على كل قلب ينبض بالحياة وكلنا أمل بأنه لن يتكرر ولن يعود , في ذلك اليوم كشر النظام عن أنيابه وكشف عن سوءته , وارتكب المحظور , وبدمٍ بارد استطاع أن يسفك دماً حاراً ملئه الكرامة والحرية والعزة , في ذلك اليوم اختلط الدم بالدمع واختلطت دماء اليمنيين من ربوع الوطن لتروي شجرة الكرامة والحرية,ذلك اليوم المأساة لا يمكن أن ننساه لأنه رغم ذلك كان فتحاً مبيناً لثورة الشباب الشعبية السلمية , لقد انقضى عام من الكرامة تعلمنا منه دروساً لن نتعلمها في غيره , وشعرنا فيه بانتمائنا لهذا الوطن , شعورٌ عجز النظام ولعقود أن يشعرنا به من خلال مؤسساته المختلفة التي أسسها لتعلمنا الصمت , لقد جاء هذا اليوم ليسدل الستار وإلى الأبد عن نظام جثم على الصدور والأنفس ولعقود سخر كل شيء لذاته ومصلحته,إن يوماً كهذا يجب أن يدرس في المدارس والجامعات ليكون شاهداً حياً على طغيان الأنظمة المستبدة وفسادها , ويكون درساً وعبرةً لمن تسول له نفسه , بأن العنف لا يجدي نفعاً عندما تقرر الشعوب أن تنتصر,لقد كان هذا التاريخ رغم مرارته وقسوته تَحولٌ في مسار الثورة اليمنية , ولا يستطيع أحدٌ أن ينكر أن هذا اليوم كان القاصمة لظهر النظام , و المبرر الحقيقي والطبيعي لانضمام رجالات اليمن إلى ركب الثروة , في هذا اليوم شقت الثورة طريقها نحو تحقيق أهدافها ,وسيكون هذا التاريخ (18مارس 2011م) يوماً خالداً في تاريخ اليمن واليمنيين .
وبعد عام مضى من تاريخ مذبحة الكرامة حق لنا أن نتساءل: أين ذهب المجرم والجلاد أين القتلة ؟ أم أن هذه الجريمة في طريقها لتتحول إلى لغز، رغم أنها كانت في قارعة الطريق وفي وَضح النهار وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع؟!.
وبمناسبة هذه الذكرى أتوجه بهذه الرسائل :
الرسالة الأولى : للشهداء وأهليهم : أيها الأحرار، أيها الأبطال، لقد بذلتم أغلى ما تملكون من أجل بناء يمن جديد والثمن الحقيقي لتلك الدماء الطاهرة هو تحقيق هذا الهدف.
الرسالة الثانية : لكل ثائرٍ وثائرة: لقد ضحى شهداء الكرامة بدمائهم الطاهرة طلباً للعزة والكرامة والحرية, وغيرها من أهداف الثورة التي خرجتم جميعاً من أجلها , فلا تخذلوهم فيلعنكم التاريخ .
الرسالة الثالثة: للظلمة وجلادي شعوبهم ,للأنظمة المستبدة, للقتلة الى أُولئك جمعياً : نقول لهم كما قال احمد مطر "طفح الليل.. وماذا غير نور الفجر بعد الظلمات؟ حين يأتي فجرنا عما قريب يا طغاة.. يتمنى خيركم لو أنه كان حصاة أو غباراً في الفلاة، أو بقايا بعرة في أست شاة.. هيئوا كشف أمانيكم من الآن فإن الفجر آت، أظننتم ساعة السطو على الميراث, أن الحق مات ؟!لم يمت بل هو آت!! .