رحم الله المناضل عوض الحامد طيب الله ثراه، ناضل كثيراً من شبوة إلى لحج حتى أنه ترك السياسة قبل وفاته ولجأ إلى العمل في بيع الأسماك في محافظة عدن.
لقد كانت للمناضل حكم وأقاويل لا يدركها من يسمعها إلا بعد دهر من الزمن، فقد عمل محافظاً لمحافظة لحج إبان السبعينيات من القرن الماضي وعمل بجهد وإخلاص، وفي تلك الفترة التي عمل فيها محافظاً لمحافظة لحج أفضل من جميع الفترات وحتى اليوم لم تحظ لحج بمحافظ مثل الحامد، إلا أنه ترك العمل في المحافظة وذهب للعمل بالطريقة التي أراها أنها مناسبة له، لجأ إلى بيع الأسماك وكان يبع الأسماك الصغيرة بثمن باهظ عن الأسماك الكبيرة التي يبعها أقل سعراً وعند استفسار المواطنين عن ذلك، فيجيب أن الحيتان الصغيرة هي التي تلعب بالحيتان الكبيرة في عرض البحر حتى يتم التهامها، وأما الحيتان الكبيرة فإنها تكون قد شبعت من الأكل وغير قادرة على العمل ولا يوجد فيها فيتامينات مثل الأسماك أو الحيتان الصغيرة.
وقفت كثيراً أمام تلك الحكمة وما يمارس في واقعنا اليوم.. حقاً إن الحيتان الصغيرة (أقصد المسؤولين الصغار) باتت تلعب بشعب بأكمله وأصبحت مصالح وحياة المواطنين في أيادي تلك الحيتان، فبعد أن تتلقى الأوامر الصريحة من مسؤوليها سرعان ما تنفذ وخير دليل على ذلك ما شهدت الثورة الشبابية من اعتداء وقتل ابتداء من جمعة الكرامة بصنعاء، مروراً إلى الأحداث التي شهدتها محافظات الحديدة وتعز وعدن وحضرموت، ووصولاً إلى محرقة مصنع 7 أكتوبر بمدينة الحصن حتى جاءت الطامة الكبرى والتي مازالت آلامها، حتى اليوم، إنها مجزرة وجريمة ساحل أبين على بعد 10 كيلو عن وادي (دوفس) طالت جنود في عمر الزهور البعض منهم كان يؤدي صلاة الفجر والآخر يحمل سلاحه لحماية زملاءه، تلك المجزرة استشهد فيها أكثر من 150، شهيداً و73 أسيراً، كم آلمني كثيراً وأنا أسمع روايات تلو الأخرى بأن المئات من الأسر قد تقاطرت من مختلف محافظات الجمهورية إلى عدن للبحث عن أبنائها في ثلاجات مستشفى باصهيب بعدن وأسر أخرى تبلغ بأن ابنها قد استشهد، ولكن سرعان ما يتلاشى ذلك الحزن لتتلقى اتصالاً من ابنها أنه حي يرزق وآخرون يبحثون مع إخوانهم بين الأسرى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً بأيدي تلك الجماعات.. آلام وحزن عم اليمن حتى وصلت قضية الجنود والأول مرة إلى منظمة الأمم المتحدة التي دانت الاعتداء الغاشم الذي طال الجنود في أبين وظلت حكومتنا منصدمة من الواقع الأليم ولم تستطع حتى معرفة العد الحقيقي للجنود الذين استشهدوا في أبين.
كل ذلك اللعبة التي جرت كان سببها أحد الحيتان الصغيرة الذي ظل متفرجاً للجنود وهم بالصحراء منذ 10 أشهر وسط حرارة الشمس الحارقة والعطش دون أن يعطي الأوامر الصريحة في مواجهة العناصر المسلحة وكأن لا شيء يعنيه.
وأخيراً يمكن القول لحكومتنا الموقرة أن تحاسب تلك الحيتان الصغيرة قبل أن تكبر ويكون سعرها أغلى من الحيتان الكبيرة ومخالفاً لمقولة المناضل الحامد.. هل نأمل ذلك؟.
أبوعبدالله ابن عبدالله
عوض الحامد والحيتان الصغيرة 2601