شكل يوم 21 فبراير2012 منعطفاً حقيقياً في تاريخ يمن ما بعد ثورة الشباب السلمية, ويعد هذا الاستحقاق نقطة تحول وانطلاق نحو مزيد من التقدم والحرية والازدهار, يأتي بعد هذا المنعطف استحقاق لا يقل أهمية ينتظره اليمنيون بفارغ الصبر وهذا الاستحقاق هو الحوار الوطني، وعلى الجميع أن يستوعب طبيعة المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها البلاد من أجل اجتياز هذا الواقع المليء بالمتناقضات.
وفي هذا المقال سأحاول طرح رؤية من أجل المساهمة في إنجاح الحوار، أولاً لا بد من الوقوف عند ماهية الحوار الذي هو : سبيل الإقناع، ومفتاح القلوب، وأسلوب التواصل والتفاهم، ووسيلة التعارف والتآلف، ولكي يكون ناجحاً لا بد أن يكون على أسس وقواعد متينة تضبط مساره، ويكون الهدف منه هو الوصول إلى الحق بعيداً عن التعصب والهوى، وإظهار الغلبة والمجادلة بالباطل، ولكي نصل إلى الحق لا بد من تحديد الهدف والقضية التي يدور حولها الحوار، حتى لا يتحول إلى جدل عقيم ليس له نقطة محددة ينتهي إليها, وقبل هذا وذاك يجب الاتفاق على أصل يرجع إليه عند الاشتباه والاختلاف، والمرجعية العليا وبلا شك عند كل مسلم هي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}.
إن الحوار الوطني المزمع انعقاده في هذا نهاية هذا الشهر يعقد في أجواء معقده للغاية إن لم يتكاتف الجميع فلن يكتب له النجاح، ولكي نضمن حواراً يجمع ولا يفرق لا بد أن يكون شاملاً ويشترك فيه الجميع وبلا استثناء، ويكون بعيداً عن التصورات والأحكام المسبقة, ومن وجهة نظري إن العقبة الكئود التي تشكل عائقاً أمام نجاح هذا الاستحقاق هو هيكلة الجيش, الذي أصبح وللأسف حجراً عثرة أمام المضي قدماً في بناء اليمن الجديد.
إن الجيش بحاجة ماسة ليس الآن فقط ولكن منذ عقود إلى بناءه من جديد, ومصطلح الهيكلة الذي كثر الحديث حوله لا يفي بهذه المهمة، خاصة إذا كانت تلك الهيكلة على طريقة هيكلة المنطقة الجنوبية, وما أكثر التسريبات التي تؤكد أنها ستتم على هذا المنوال.. إن إعادة بناء الجيش ليصبح جيشاً وطني يعتز به كل يمني يحتاج إلى إرادة وعزيمة من خلالها يقال للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت,والتساؤل الذي يطرح نفسه: هل الهيكلة ستكون قبل أم بعد أم متزامنة مع الحوار؟, أم أننا سندخل في جدلية أيهما قبل البيضة أم الدجاجة؟،وعندئذ يتحول الحوار إلى جدل وستفضل بعض الأطراف الذهاب وراء مقولة (ديل كارينج):" أفضل وسيلة لتكسب جدلاً ما أن لا تشترك فيه" وبهذا تكون تلك الأطراف قد خسرت نفسها, ويكون الوطن قد حُرمَ من حوار لم يشمل الجميع.
محمد الحاج
الحوار الوطني... استحقاق بحجم الوطن 1704