مع احترامنا لمواقفه "بالنفاس"، ينُظر للشيخ/ سلطان السامعي بما يقوله ويصدر عنه على أنه تعبير صارخ عن حالة الانفلات الحزبي والتنظيمي التي تعيشها بعض الأحزاب، فالرجل عضو مكتب سياسي في الحزب الاشتراكي ومع ذلك مستمر في التغريد خارج مواقفه من مجمل التحولات الوطنية الجارية في البلاد وخاصة ما يتعلق بالانتخابات.
من حق السامعي تبني ما يريد من المواقف وطرح ما يعتقد بصحته من الآراء، ولكن في الأطر التنظيمية، وعليه في النهاية الاحتكام للموقف العام لحزبه، كون قسم الانتماء قائم على الالتزام ببرنامج التنظيم السياسي ونظامه الداخلي – هكذا تعلمنا.
بدأت مشكلة السامعي مع حزبه والمشترك عموماً عند تشكيل المجلس الوطني الذي لم يتضمن اسمه، وهو من يسعى إلى أن يكون ممثلاً في كل شيء، أممي في الحزب الاشتراكي وشيخ في تضامن "حسين" وعضو في المجلس الوطني، ووزير في حكومة الوفاق، ونقابياً في نقابة فرزة تعز-الراهدة، ما لم فالمشترك ملعون ابن ملعون والمشاركة في الحكومة عمالة والانتخابات خيانة وطنية.
يعيش السامعي وهم تمثيل محافظة تعز وهو ما يفسر لجوءه المستمر نحو العزف على أوتار لا نرغب في سماع نغماتها التقليدية، على نحو موقفه من المجلس الوطني ومطالبته حينها بتمثيل تعز التمثيل العادل، بمعنى إضافة اسمه في وقت نريد له أن يكون صوتاً لكل اليمنيين وقضاياهم العادلة، أما تعز فهي أكبر من أن يمثلها فرد أو جماعة أو حزب، وأن مشروعها الكبير ودماء أبنائها المراق في معظم ساحات الحرية وميادين التغيير أكبر تعبير عن أفقها الوطني ونهجها الثوري.
المُلا/ محمدين أصغر مقالح، هو الآخر صورة مكررة للانفلات الحزبي، باعتباره عضواً في اللجنة المركزية للحزب ورئيساً لتحرير الحوثي نت، عفواً أقصد الاشتراكي نت.
وحقيقة أنا حائر في أمر هذا الآدمي ماذا يريد وأين يقف؟! فكل يوم في "هيجة" سياسية وكل شهر في "ضاحة" مذهبية، ولغة لا تمت للمشترك وخطه السياسي بصلة ولو من بعيد.
بالمناسبة، وكلما قرأت لهذا الاسم، يحضرني كلام غريب سمعته منه في مجلس قات دعاني إليه أحد الزملاء عند مقاول مقرب من النظام، وأجدني ملزماً بتوثيقه.. كان المقالح وعبده سالم، اللذان لم يسبق لهما التعرف عليّ، في واجهة المجلس الذي ضم وجوهاً جلها تنتمي للحزب الحاكم، بدأ عبده سالم الحديث بطريقة متكلفة وأستاذية مفرطة شجعه عليها المستوى المتواضع للحاضرين، وكل ما أتذكره خاتمة حديثه حيث قال "هذه وجهة نظري أعجبت المعارضة أو لم تعجبها.. طز" وهو بحسب علمي عضو في الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح.
تلاه المقالح بذات التكلفة وما قاله بالضبط "الحقيقة لا يجوز تحميل الأخ الرئيس كل الأخطاء والسلبيات، فأنا مع الأخ الرئيس حين قال من طلق زوجته قالوا الرئيس ومن انقلب بالسيارة قالوا الرئيس"، ومع أن الوقت لم يتجاوز الخامسة إلا أنني نهضت باتجاه زميلي الجالس أمامي وهمست في أذنه "كم يستفزني كلام هذا الجعنان سأغادر"، قال خذني معاك.. غادرنا سوياً وما إن خرجنا من الباب الرئيسي للمنزل حتى تبعنا المقالح وعبده سالم بطريقة ملفتة، وفي تصنع واضح لحالة قلق وارتباك حاول أن يبد عليه المقالح قال "وصلتني رسالة أن الأمن القومي يحاصر منزلي".. ابتسمنا في وجهه وصعدنا إلى السيارة.
كان ذلك قبل مسرحية اعتقاله وإخضاعه لنظام غذائي كي تكتمل فصولها الهزلية، وتصديق ما روجه عن إخضاعه لجلسات إعدام وهمية، ظل هذا الموقف سؤالاً كبيراً إلى أن أجاب عليه من خلال جملة مواقفه خلال أشهر الثورة الشعبية.
في هذا الصدد يتبادر إلى الذهن من خارج الأطر الحزبية المُلا/ أحمد سيف حاشد الذي شكل مؤخراً مش عارف أيش حماية الثورة، شطحات يتحمل مسؤوليتها المشترك حين أعطاه أكبر من حجمه بتعيينه في لجنة التشاور الوطني ومن ثم عضواً في المجلس الوطني وتنظيمية الثورة، مع إنه مش أكثر من أحمد سيف حاشد، إضافة إلى كونه شخصاً غير ممنهج ويفتقر لأفق سياسي ولو بحده الأدنى، لذلك يعتقد بأن العمل الثوري عبارة عن "برطام وفتّاح نخر"، وإرهاق يده اليمنى بحركات تذكرنا بثورية معمر القذافي.
لا يلفت نظري موقف السامعي والمقالح من مسألة الانتخابات ودعوتهما لمقاطعتها سوى من حيث كونهما عضوين قياديين في حزب خاض وبقية أحزاب المشترك عملية سياسية مضنية سبيلاً إلى تحقيق أهدافنا الوطنية بأقل كلفة، وتجنباً للانزلاق نحو خيار آخر ندرك جميعاً ماذا يعني.
معترفاً في ذات الوقت أن السامعي قد يستوقفني من زاوية أن جديده السياسي يبدو غريباً هذه المرة ولا يمت بصلة لسابق مواقفه، وفي جميع الأحوال لا يؤثر موقف المذكورين وغيرهما على سير العملية الانتخابية، بل ولا يحظى باهتمام أي منا، غير أن التقاء السامعي مع علي صالح وحراك الأمن القومي والحوثيين من الانتخابات أمر مثير للاهتمام إلى حد ما، الأمر الذي لا يمنحنا مجالاً لقراءة الموضوع خارج تأثير السخاء الإيراني الذي قد لا يتكرر – كذلك هم الآخرون– في مقابل انضباط حزبي "لا يؤكل عيش" وأنظمة داخلية لا يلبي الالتزام بها طموح الحضور في المشهد الثوري، حيث لا مشكله في الالتحاق به مرة أخرى، اتكالاً على تسويق مقاطعة الانتخابات جماهيرياً؛ باعتباره الأكثر تعبيراً عنه ووفاءً لدماء الشهداء.
لا أدري لماذا نصادف في كل منعطف وطني من يخون أحلامنا ويتسلق على تضحياتنا كما يحدث الآن، ولا أجد توصيفاً لهذا الحال أبلغ مما كتبه الحكيم والمفكر الدكتور/ ياسين سعيد نعمان في مقالته الأخيرة فيما يتعلق بصناعة الزعامات على عجل والتي عادة ما تكون أكثر عرضة للاستقطاب واستعداداً لخيانة الثورات.
ملعونة هي الأموال الإيرانية وقبلها السعودية التي تسعى لتحويل بلدنا إلى ساحة صراع مذهبي أدواتها نحن، ويدفع بمثقفين ورجال دين مفترضين إلى تبني خطاب "ما يركبش على لقوفهم" الأممية والقومية والدينية.
Alshaibani51@gmail.com
علي عبدالملك الشيباني
الشيخ سلطان الله أكبر سامعي.. والملالي الجدد!! 2862