قد يكون من حق أي شخص أو جهة أن ترفض الانتخابات القادمة وألا تشارك فيها ومن حقهاً أيضاً أن تبدي رأيها في ذلك وأن تعارض كيفما تشاء بالطرق الديمقراطية السلمية –ويجب أن نحترم آراء الآخرين- أما أن يحمل أحدهم السلاح أو يحرق ساحات الثوار كرد فعل معارض للانتخابات فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً ويجب أن يتم الوقوف أمامه بجدية وحزم وعلى قيادات هذه المجموعات أن تتحرك بمسئولية وفق المهام التي أنيطت به كموجه جماهيري يوظف أدواته ووسائله لتحقيق أهدافه بوطنية متجردة من حظوظ النفس والثارات السياسية والتاريخية, وفيما يخص إحراق ساحة الثوار بكريتر فقد يقول قائل أن هناك تجني على الحراكيين في حين أن ساحة الثوار هناك منتظمة منذ حوالي عام ولم تعتدي على أحد رغم الاعتداءات التي طالتها سابقاً ولم نر شباب الثورة يحملون السلاح حتى في وجه من قتلهم فضلاً عن إخوة النضال من أبناء الحراك، ناهيك أن الاعتداء تم في الساحة ولم يكن خارجها، فهل يعقل أن يعتدي الثوار على غيرهم في ساحتهم هم؟! ناهيك عن إصابات شباب الساحة وبحسب ما تناولته وسائل الإعلام أن الهجوم تم في وقت صلاة وفي لحظة لم يتواجد في الساحة إلا القليل ما يوحي أن الأمر مدبر وعليه فإن كان ما حدث تم من قبل أشخاص محسوبين على الحراك فعلى القيادات أن تضبط أفرادها وأن تعيد النظر في خطابها الإعلامي بما لا يؤجج الصراعات ويخلق الفوضى في المجتمع الذي هم جزء منه كما أن على أولئك القادة أن يبتعدوا عن التصريحات الرنانة والتي تدغدغ العواطف وتثير الحماسة في الشباب وتوحي لهم أن هؤلاء خونة أو نحوه من المصطلحات المنبوذة والتي تشرعن لعداء ممقوت, أما إن كان من ارتكب هذه الحماقة مندسين على الحراك أو من بقايا النظام -كما قيل- ممن يريدون الزج بأبناء المجتمع في صراع داخلي المستفيد الوحيد منه هو بقايا هذا النظام فإن على هؤلاء القادة أن يتحملوا مسئوليتهم التاريخية في اتجاه ضبط مسيرة الحراك وتنظيم عملهم وألا يسمحوا لأي جهة أن تعبث بنضالهم السلمي وتسيء للحراك بل وتصوره على أنه جماعة متمردة تخاطب المجتمع بالسلاح وتسعى إلى شق العصا وإغراقنا في حرب أهلية سيخسر فيها الجميع.
ما كنا نتمنى أن يغدو الأمر بهذه الصورة المؤسفة وما كان ينبغي لشخص ما أن يعتدي على أخيه لمجرد الاختلاف معه في الرأي وإن كان لأي شخص موقف من الانتخابات، فلتكن له أنشطة يقنع الجماهير من خلالها بالتي هي أحسن، عوضاً عن فرض الرأي بالقوة, كما أن مثل هذا التعامل يرسم صورة قاتمة عن العهد القادم في حين تحقق الانفصال وأصبحوا حكاماً لهذا الجزء الحبيب من الوطن فهل سيتم قمع المعارضين كما كان عليه الحال قبل تحقيق الوحدة!!
ينبغي على قادة الحراك أن يعيدوا النظر في خطابهم وأن يحافظوا على سلمية حراكهم ولا يمكن أن يتعذروا بأن الحراك ثورة جماهيرية غير محتكمة لقيادة, فلو تم الاتفاق على رؤية موحدة وتم تخفيف حدة الخطاب العدائي، لكان لذلك أثر على الجماهير، لكن أن نرى تصريحات نارية وخطاباً إعلامياً مهيجاً للمشاعر ثم إذا ما حدثت حادثة قالوا إن هذه ثورة أو أن هؤلاء لا يمثلوننا وإنما من أتباع النظام فهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر, إن التأريخ لا يرحم وسيسجل المواقف، إما لك أو عليك فلنكن جديرين بالمسئولية ولنتحمل تبعاتها وبما أننا نتقلد وسام الثائر فيجب ألا ننسى ونحن نناضل أخلاقيات الثوار فهم الفرسان الذين يحملون القيم إلى المجتمع وهم المستقبل الذي يشرق أملاً على درب النضال.
تغريدة..
حينما ترفع سيفك في وجهي لأتغير .. فلن أتغير إلا عليك أنت فقط.
توفيق الخليدي
الحراك لا العراك 1823