لا أدّعي إني متابع حصيف لصحافتنا الرياضية وخاصة في المدة المنصرمة لأسباب عدة منها أن واقعنا لن يفرز صحافة سمينة تشبع رغبة القارئ والمتابع، وكوني أقبع في وادي دوعن، فلم أعد أكلف نفسي عناء البحث عن الصحف الرياضية وضمان وصولها، إضافة إلى توقف بعض الصحف الرياضية عن الصدور لحين ما أسموه أزمة البلاد، وإيقاف الأنشطة الرياضية.
ذلك الواقع قادني لواقع آخر، وهو البحث في أرشيفي غير المرتب وقراءة قديم الصحف الرياضية التي أحتفظ بها، واستعادة شريط الذكريات والأحداث عملا بالقول "قديمك نديمك"، وحقيقة تجد في مطالعة بعض الصحف إحساسا بالجمال الإبداعي، وبلذة القراءة، وقد تجد بعض الفروقات، ربما قادت إلى التطور في المانشيتات أو حتى أسلوب بعض الصحفيين، بينما البعض محلك سر، ولم يسعَ لتطوير مهاراته، وقدراته معتمدا على الأسلوب التقليدي.
المطالعة تلك أفرزت لي أن بعض الأسماء التي عرفناها في سماء صحافتنا الرياضية غائبة وإن كان غياب بعضها يمتد لفترات طويلة والبعض غياب وقتي لأسباب وظروف مختلفة، فهناك صاحب السيف القاطع الذي ينثر عبق كلمته، ويجعل فرائص المسئولين ترتعد غائب منذ مدة يكابد آلامه، ولم يقف معه سوى قراؤه يهتفون له بالدعاء ويرددون (يا عولقي متى باتعود)، وهناك أقلام أبينية أخرى غبت مثل صادق حمامة، وسالم حيدرة، والشبواني شفيع العبد، ومن أقلام حضرموت عمر فرج عبد الذي أوقف قلمه مع توقف صحيفة "الأيام"، وعبدالله بن حميدان، وسعيد باشعيب، ومن أقلام ثغر اليمن الباسم مشتاق عبدالرزاق، وناصر الناصوري، ومن أقلام تعز أنور عون وصلاح أحمد مرشد وغيرهم كثر.
الأقلام الغائبة عن ممارسة عملها الصحافي وعن تواصلها مع القارئ كثيرة، لكن ليس جميعها تكون في محل تساؤل من القارئ إلا من اكتسبت ثقته وحازت إعجابه لأنه ليس كل ما يلمع ذهبا، فصحافتنا مليئة بالغث والسمين من الأقلام، وممن جعلتهم الواسطة والعلاقات الخاصة تفرد لهم صفحات الوسط، بينما في نظر القارئ يشكلون عبئا على هذه الصحيفة أو تلك، وهو في حقيقة نفسه يأمل بأن الأقلام التي افتقدها للعودة لممارسة ركبها الصحافي، وأن لا تحرم متابعيها من عبق كلماتها الدافئة.
يوسف عمر باسنبل
أقلام غائبة عن الصحافة 1795