أصبحت الثورة اليمنية مدرسة عملاقة فصولها الرصيف استفدنا منها أكثر من استفادتنا من المدارس والجامعات التي تعلمنا فيها على مدى تعليمنا, إن من المؤكد أن شعبنا اليمني العظيم من خلال ثورته المجيدة اثبت انه أكثر شعوب العالم وعياً، هذه ليست مبالغة وإنما حقيقة لمسناها فثورتنا المباركة مليئة بالمنجزات الحضارية وغنية بالأحداث الجميلة الرائعة التي لم يكن يتوقع أحد حدوثها بعد أن كان يظن الكثيرون أن الشعب اليمني لا يمكن له أن يقوم بثورة واصفين إياه بالشعب المتخلف ماذغ القات ساهر الليل نائم النهار، لكن سرعان ما تحولت تلك التصورات إلى رذاذ متطاير أخذته عاصفة التغيير, لا شك أن الثورة قد مرت بمراحل صعبة ومازالت تمر بظروف قاسية حتى اللحظة رغم كل ذلك إلا أن الشباب الثائرين لا زالت إرادتهم قوية وثابتة لم تتزحزح قيد أنملة، صامدين دون انكسار أو ملل, نعم بالفعل قد اثبت هذا الشعب تفوقه الأخلاقي والأدبي والثقافي, أكد انه شعب عظيم يستحق التقدير بسلمية ثورته, أكد انه حكيم وحضاري من الطراز الأول لا يمكن له أن ينجر خلف مغبات العنف والاقتتال مهما حاول المغرضون أو فتأ المفتنون زرع الضغينة في الأوساط المجتمعية من اجل جر هذا البلد الأصيل نحو صراع فكري طائفي.
من الواضح جداً أن الأعمال التخريبية التي تحدث اليوم هي مخططات انتقامية مقصودة تم الكشف عنها وإحباطها بفعل وعي هذا الشعب الحكيم, فكل التصرفات الهوجاء لاسيما في ظل هذه المرحلة الحرجة هي ليست أقل من حماقة ترتكب ضد شعب عريق مسالم لا يستحق القتل أو التنكيل, فأي عمل إرهابي أو نزاع سواءً كان فكرياً أو طائفياً أو اجتماعياً هو في الحقيقة بضاعة كاسدة من صنع النظام البائد.
لعل من المفيد القول أن نظام كالنظام اليمني لا يستحق الحياة ولو لدقيقة واحدة, كان لابد أن يُجتث من على الأرض كنظيره المصري والليبي والتونسي كي يعيش الشعب اليمني استقراراً دائماً, ولهذا كان من المفترض أن لا ينجر الإخوة السياسيون نحو ما يسمى بالحوار السياسي الذي حول هذه الانتفاضة من ثورة محققة إلى مجرد أزمة سياسية, رغم الذي جرى والذي مازال يجري حالياً إلا أننا نعتبر ذلك الدور جزءاً من الفعل الثوري، نحن نحترم ونقدر بصورة عامة كل الجهود التي بذلت من قبل الإخوة في أحزاب اللقاء المشترك سواءً كانت سياسية أم ثورية، لكننا لسنا معتمدين اعتماداً أساسيا على ذلك العمل خصوصاً في حالة إذا كان الفعل الثوري يغلب عليه النشاط السياسي وهذا ما سيجعل المعارضة السياسية أمام مسؤولية كبيرة في حال فشل النشاط السياسي.
على العموم نحن شباب الثورة والمعارضة السياسية المتمثلة بأحزاب اللقاء المشترك لا نختلف كثيراً في العمل الثوري، كلانا نسير في اتجاه واحد ولكن بخطين متوازيين، لذا لا يهمنا فشل العمل السياسي بقدر ما يهمنا نجاح الفعل الثوري وهو الأهم, فإذا وصل الإخوة السياسيون إلى نتيجة مرضية ممكن أن تلبي طموحات الشباب الثائر وتحقق أهداف الثورة كاملة, هذا شيء جيد سيكون بالطبع موفراً للجهد وحاقناً الدماء بشرط عدم التخلي أو التفريط بدماء الشهداء التي سفكت, لكن للأسف الشديد ما لاحظناه كان عكس ذلك منحت الضمانات وأعطيت الحصانات لمن سفك الدماء، هذا ليس منطق أن تسفك دماء الأبرياء وتعطى الحصانات للقتلة، أي دين وأي عرف يبيح ذلك؟.
الجدير بالذكر هنا أن كل من طالب بضمانة من الملاحقة القانونية هو بالتأكيد يثبت تورطه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، هذا يعد اعترافاً ضمنياً يدين كل من بحث عن ضمانة, ليس هناك أي مبرر لقتل المتظاهرين سلمياً كما انه أيضا ليس هناك أي عذر حتى تمنح الضمانات لقاتل, الأمر يبدو واضحاً لا يحتاج إلى تأويل, كل من ارتكب جرائم يجب أن يًُحاسب دون قيد أو شرط، لا مجال لصنع المبررات.
أيها السياسيون، يا أعضاء البرلمان.. ماذا تعني المسؤولية بالنسبة لكم؟ هل وصلت بكم تلك السياسات والمبادرات إلى حد من الاستخفاف بالثوابت الشرعية والقيم الإنسانية فأعطيتم الضمانات للقتلة؟ (مالكم كيف تحكمون )؟.
أخي القارئ إن شعبنا اليمني جدير بمواقفه النضالية كما أثبت للعالم صموده الأسطوري لفترة زمنية أوشكت أن تقترب من عام كامل رغم الصعوبات, بالتأكيد سيثبت قدرته على ترحيل الطغاة ومحاكمتهم حتى وإن منحوا الحصانات أو أعطوا الضمانات لن يركع شعب عظيم كشعبنا هذا مادامت الحكمة تعلو ناصيته.
فواز العبدلي
لن يركع شعب تقوده الحكمة 2162