;
عبدالمعين المضرحي
عبدالمعين المضرحي

أين نحن؟! وماذا بعد؟! 2135

2012-01-19 04:50:51


لسنا في عجلة من أمرنا، فالبلد ينعم بالأمن والاستقرار، وكل شيء على ما يرام، والأهم من ذلك أن شعبنا اليمني العظيم ذو مقدرة فائقة في التكيف مع أنكى صور الحياة المخنوقة وأنكد صنوف العيش القاتلة ولعل هذا ما جعلنا نطيل حالة الاسترخاء هذه التي نرتديها ولا نُبدي اكتراثاً بأيٍ من الأزمات التي هددت وتهدد البلاد والعباد.. حكومة الوفاق لم تقل مثل هذا الكلام ـ حاشاهاـ ولكنها تتمثل معانيه ومضامينه بالفعل والسلوك.
وحتى أقطع الطريق على كل قاذف يرجم بالغيب نواياي أنبه إلى أن صاحب هذا القلم لا يعاني –والحمد لله- من حرف في التفكير أو قصور في الرؤية ولم يصب بأي من حالات البله السياسي المستعصية.. وليس في قلبه مثقال ذرة من سيء الظن، بل على العكس من ذلك تماماً، لأنه يعرف عديد التحديات القوية التي تقف في طريقها ويدرك حساسية المرحلة وحرج اللحظة التي يعيشها البلد، ولذاك يرثى لكل عضو من أعضاء هذه الحكومة، كما أنه يعي أن البناء والإصلاح تتطلب وقتاً أطول وجهوداً جماعية غير محدودة، وهو في ذات الوقت يكنّ كل الود والاحترام لهذه الحكومة ويرجو لها الوفاق والتوفيق والتفوق، لأنه كغيره يعول عليها الكثير من المنى والآمال.
وهو من منطلق ما سبق ذكره وبداعي الحرص والحب يود الإشارة لا التشهير إلى هنات يلحظها الجميع في أداء هذه الحكومة وهي هنات لا ينبغي لنا أن نسكت عنها ولا يجدر بهم تجاهلها والإعراض عنها والتقليل من شأنها، لأنها هنات ليست باطنية، بل قد تنهي وطناً منهكاً أصلاً وشعباً بدأ للتو يتنفس صعداء الأمل.
وإذاً فقد كان من سوء الطالع أن تلقانا حكومة عول عليها الكثير من الآمال بمشروعات قوانين من طراز قانون عطلة السبت، واقع يوحي بمدى القفز الضوئي لهذه الحكومة على واقع يطبق على كل مفاصل الحركة فيها وفي البلد عموماً وكأن هذا الشعب قد غرق في سيل إنجازاتها، لتسن لنا هذا القانون باذخ الجرأة، أو كأنها خالت نفسها من حكومات تلك البلدان التي بدأت التفكير عملياً في تهيئة كوكب في الفضاء لحياة فارهة بدلاً من الحياة في كوكب الأرض هذا.
لا أدري كيف تناست أنها الحكومة المولودة بعملية قيصرية صعبة في مشفى سيء السمعة وأنها حتى اللحظة لا تملك من الأمر شيئاً ولم تبرز أي دليل ملموس يثبت عكس ذلك باستثناء هذا القانون الذي يعد محاولة بائسة لإثبات الوجود، وأستغرب تجاهلها الصارخ لما هي ونحن فيه في هذا البلد الذي يقف على كف عفريت منذ أزمنة طوال، إن هكذا تصرف يذكرني بذلك الرجل المعدم الفقير الذي قرر أن يواكب عوالم الحياة الحديثة بالأكل بالشوكة والسكين، لكنه حين حصل عليهما بعد جهد جهيد تذكر أنه لا يملك كسرة خبز يسد بها جوعه، ناهيك عما يؤكل بتلك الأدوات.
ترى أي حالة من الانتشاء مر بها هؤلاء المشرعون؟! لكأنهم يعيشون في مدائن فاضلة، لا في بلد منكوب، بلد صار فيه كل شيء معطلاً لدرجة أن عبارة "عاطل عن العمل" أضحت مرادفاً له إن سئلنا –كيمنيين- عن الهوية، فالطرقات معطلة والمشاريع والتنمية والتعليم والمدارس والمشافي والمرافق المفصلية في الدولة والقوانين والأعراف وقيم الدين، والأخلاق والحقوق والطاقات البشرية والأيدي العاملة، ومصادر الثروة والقائمة تطول، كل ذلك معطل أو يعطل حتى كأن القدرة على تعطيل الأشياء المفيدة صارت شرطاً ينبغي توافره، فيمن يختار لمنصب معين في هذا البلد.
الكهرباء معطلة وعطلت حياة المواطنين في كل شيء "عَطَل" بالمعنى العامي بمعنى فارغ من أسطوانة الغاز حتى خزانة الدولة العامة، يتصدر اليمن قائمة الدول الأكثر فقراً وبطالة في العالم، ومع ذلك نحن بحاجة إلى جعل السبت عطلة، كأولوية مسيسة الحاجة.
هذا الشعب الذي يستثنى من كل شعوب الأرض في عشقه للاغتراب مجافياً بذلك فطرة البشرية لم يكن كذلك إلا طمعاً في الحصول على فرصة عمل تحفظ له ماتبقى من كرامته المبعثرة في بلده، لكن الأولوية لجعل السبت عطلة!!.. كان الأولى والأحرى بحكومة الوفاق أن توقف نزيف الثروة المتدفق في هذا البلد، كان عليها أن تؤمن الغاز والكهرباء وأن تعلن بدون أي تحفظ أن لا حاجة لوزارتي الداخلية والدفاع إن عجزتا عن تأمين أبراج الكهرباء وخطوط إمداد المشتقات النفطية، وسيكون هذا قراراً شجاعاً وجريئاً بدلاً من تلك السذاجات التي لا تتناسب وطبيعة المرحلة التي يمر بها الوطن والمواطنون.
إننا في مرحلة انتقال بعد سنوات من النهش في جسد هذا البلد، فأولى بنا ثم أولى أن نضاعف الجهود ونكثف الأدوار ونبحث عن كل الفرص الممكنة المتاحة كي نؤسس لمرحلة جديدة فارقة يمكن أن ينبني عليها تطور منشود وحياة مرجوة.
إن هذه القرارات تعكس مدى العبث السياسي الحاصل في اليمن وتكشف لكل العالم أن قليلاً من احترام الآدمية كفيل بموارات هذه السوءات السياسية.
لا أدري ما الذي سيقوله الأستاذ الأول والسيد الحكيم أبوفهمان صاحب النظر الثاقب والقول الوجيز من توصيف حين يسمع بهكذا أنباء ولا أعلم ما الذي سيقول صديقه الظريف أبو عدنان النجار وهو الذي صارت – بعد ارتفاع الأسعار وشحة وانعدام المحروقات- كل أيام الأسبوع عطلة عنده باستثناء السبت كمتنفس وحيد لا يفي بأقل الأغراض.
إننا لا نعترض على راحة أحد، بل نرى ذلك حقاً يجب أن ينال ولا نمانع أن يكون السبت عطلة، بل نبارك ونؤيد، لكننا نكفر بذلك كله حين يكون أولوية بنظر الحكومة لشعب أصبح يرى في القمر رغيف خبز بعيد المنال.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد