المبادرة التي تنقلت جواً وأثيراً وتعبت تنقلاً بين رحلات الطيران وأثير ذبذبات الإذاعة والتلفزيون وغرقت بأحبار الصحف ذهاباً وإياباً وتعديلاً وإضافةً وشطباً.... كانت المبادرة تشبه كثيراً مشاريع الاستثمار في بلادنا ولا غرابة في ذلك... لأنها معدة لليمن ونظامه السياسي الذي لا يعرف إلا سياسة الإضافات والشطب والعرقلة والتفاوض.. والأخير هو المهم أي التفاوض ...على الكيفية بهدف الوصول إلى الكم ...والكم هو العائد الأخير المستفاد منه للأشخاص أو الشخص ذوي العلاقة ...تلك هي المبادرة التي كانت نهاية المطاف الحصول على محصلات ومدخرات العمر السياسي التسلطي والتي تجاوزت عشرات مليارات الدولارات كما تقول الجهات ذات العلاقة والاطلاع ...أملنا أن تكون طوق نجاة قدمت على طبق من ذهب لمن أثقلت كواهلهم ثروات المحصلة والتجميع والاستحواذ والسمسرة والفساد الطاغي والحكم الباغي وظنناهم سيتنفسون الصعداء بأريحية ما بعدها أريحية.... لأنها جاءت في وقت أذن الله فيه للأرض أن تخسف بفرعون وقارون وأقرانهم في كل بلاد، فهاجت الأرض وماجت دون أن يضرب موسى عليه السلام بعصاه... ولكن الشعوب هذه المرة تضرب بنفس قوة العصا أو قريباً من جبروتها.
أملنا بالانفراج، رغم الأماني بتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين والاقتصاص من الظالمين التي كانت بعيدة عن فلسفة المبادرة وأهدافها.. لأن من وافق على التوقيع عليها من المعارضة رأى أن الخروج من أزمة بفاتورة مادية مهما كان ثمنها هي أقل التكاليف وأرخصها أمام قطرة دم تسال من جسد ثائر أو وطني غيور ...أو مواطن مظلوم.... أو عسكري يعاني الأمرين... وهذا هو الفرق الشاسع بين من وقع عليها كمخرج وقبول احد الأمرين.. وبين من يسترخص كل الدماء ليجني من خلفها الأرباح ويسهل ويبيح القتل ليحصل على المراد والمردود المادي ....توقعنا من الذين قدمت إليهم المبادرة أن يقبلوا بها بأسرع من النفس الذي يتردد في حلوقهم ...ولكن يبدو أن المبادرة قدمت لهم الضمانة وشجعتهم على التطاول في سفك المزيد من الدماء يفعلوا ما شاءوا فقد غفرت لهم المبادرة ما قدموا وأخروا.
وقعت المبادرة بعد عناء وتعب وتهرب وتلكؤ وأعذار وشروط... وتحول التوقيع من صنعاء إلى الرياض.. ولما وقعت المبادرة قيل أن المهم ليس التوقيع بقدر ما هي النيات ومصداقية النوايا والنيات في الأصل لا يعلمها إلا الله، ولكن ترجمة النيات تتم كل يوم وتصدقها الأعمال وتترجم مصداقيتها الحرب المستعرة في تعز الحالمة عشرات القتل ومئات الجرحى وهي أولى قطاف المبادرة والنية المرتجاة والأمل الواعد.. تمنينا أن تصدق النية ولوفي اللحظات الأخيرة ولو لمرة واحدة وأخيرة لصالح الوطن بعد عمر الاستثمار السياسي الذي دام عشرات السنين مجيرا مصالح الشعب لصالح من صنعت لهم خصيصاً المبادرة .