هل أنت إنسان فريد؟؟ أم انك نسخة عن الآخرين.. تقلدهم.. وتقتدي بخطواتهم؟؟ ما هو سر تفردك؟؟ وهل هذا هو الشخص الذي تطمح أن تكون عليه حقا؟؟...
أسئلة عديدة تألقت في ذهني.. مع تألق اشراقة الصباح الندية.. حيث أصحو باكراً في كل يوم قبل بزوغ الشمس.. أنتظر بفارغ الصبر لقاء شوق الورد بحنان قطرات الندى الشفافة فأعطر روحي بعبق المحبة الطاهرة التي تفوح في أفقهما.. وأتأمل ملياً في قداسة هذا التمازج السماوي..
إنها علاقة روحانية.. صافية.. صادقة لذاتها.. حرة التعبير.. يرتقي فيها اسمى درجاته.. عطاءً بلا مقابل.. ويترقرق فيها الاخلاص.. الوفاء.. شلالات متدفقة بالحياة.. تقطر قطرة فقطرة.. احتراماً لأنوثة الحب، وروح الورد..
إنها علاقة راقية.. حتى طريقة اللقاء مع الندى مختلفة بين الورود.. فلكل وردة أسلوبها وطقوسها الخاصة في معانقة الندى بهمس العطر.. و للندى تفنن جميل، وفريد في توزيع عطاء حبه بين بتلات وردة وأخرى.. ما أروعه من مشهد غريب نادر.. ألا تدفعنا عظمته إلى اليقين بأننا متفردون كبشر أيضا ؟؟؟
إن الله أبدع في خلق الإنسان على هذه الأرض.. فجعل كل واحد متميزاً في ذاته.. ومن هنا يجب أن تبدأ الدعوة للتفرد من البحث في الذات..
نحن متفردون بالطبيعة(بالفطرة).. وبدلاً من أن نُمعن في البحث عن سر تفردنا، وقراءة رسالة الله لنا خصيصاً.. نبحث في الآخرين، ونقرأ رسائلهم.. وهنا يبدأ الدوران في الدوائر المغلقة، والعودة إلى نقطة الصفر.. نستغني عن أدوارنا الحقيقية.. فنرتدي نظارة التقليد، ونمشي في حلكة الليل.. ونغط في سبات عميق.. ونتغاضى عن النور.. ونعثر على ذواتنا في الآخرين!! وكم من النساء تنفق اموالاً طائلة لتغيير أشكالهن، وجوهرهن.. تشبها بفنانات العصر.. وكم من الرجال من يتشبه بمشاهير وعظماء، ويفقد فرادته!!.. ليس عيباً أن نتمثل في العظماء والقديسين، ونقتدي بهم.. ولكن يجب ألا نفقد هويتنا الشخصية.. فعندما لا تكون ذواتنا لا نكون شيئاً.. و شتان ما بين التمثل والتفرد..!!
الحرية، والحقيقة توأمان.. فلنبدأ البحث في صميم قلوبنا وأعماق أرواحنا عن لمسات الله في ضمائرنا.. وبماذا يميزنا عن غيرنا.. وما هي ملكاتنا.. صفاتنا.. إمكاناتنا.. والقوة الكامنة فينا ..الغوص في أعماق الذات ليس بالأمر السهل.. إنها رحلة شاقة.. قد تكون أصعب من رحلة اكتشاف الفضاء!! الإعصارات كثيرة، والموروثات عميقة.. رحلة الولوج إلى النفس الإنسانية وسبر أغوار الذات شاقة جدا.. والمسيرة تعترضها جبال وصخور وحفر.. إنما بالصبر والإيمان والإرادة نتجاوز المحن.. وفي الرقة والأمانة والوفاء لذاتك الفريدة.. تنقذها من فناء روحي ابدي.. فتنعم في الخلود والبقاء على شفاه الزمن أغنية الانتصار الأبدي..
ثمة من يحاولون أن يفقدونا هويتنا.. ويشكلون حياتنا.. ويجتهدون بلا كلل.. لمزجنا واستنساخنا.. ويسعون لتشويه بصماتنا.. ولكن بصمة الله فينا لا تندثر فلنحافظ عليها...
لا يوجد إنسان على وجه الأرض يشبه الآخر.. فقد خلقنا الله بحكمته متميزين في كل شيء.. حتى التوأمان ربما يتشابهان.. في الملامح.. لكنهما مختلفان في الجوهر.. نبرة أصواتنا تختلف.. سحر ابتساماتنا مختلف.. فلنتعز في فرادتنا، هي ذاتنا التي احبها الله فأعطى بلا حدود جُل الصفات..
ربما قد حان الوقت إلى أن ننزع أقنعتنا المزيفة، ونهبط عن خشبة المسرح.. حفظت الأدوار.. لكن الله سوف يسألك عن دورك الحقيقي في الحياة..
هل كنت صادقاً لنفسك؟؟ ومنفتحاً على الآخرين بكامل الحب؟؟ وهل أرويت ظمأ الروح تفهما واصغاءً؟؟ وهل عطفت على مكسوري الخواطر.. ودفأتهم في الأمان؟؟..
هل أحببت الحياة، وعشتها بملئها؟؟ هل أدركت قيمتك الفعالة واحترمت ذاتك كي تُحترم من الآخرين؟ وهل نفذت رسالة الله شخصياً، وطبقت حروفها؟ فكنت أنت كما أنت.. الحياة هدية ثمينة وفريدة.. ولؤلؤة نادرة.. وأمانة أزلية يحفظها الورد بين طياته.. ويعزف موسيقاها همساً في لقاء قطر الندى.. لتخلد المحبة في الكون.. ويخلد سر تفرد الله فينا ايقونة نادرة وترنيمة أبدية يعزفها حفيف الشجر كلحن خالد في ثنايا الزمن، وينشرها عبق نيسان ياسميناً يداعب لمسات الأمل.
كاتبة عربية-كندا
اtender.breeze@hotmail.com
سلوى فرح
سِرُ التفرّد...... 2493