تحل الذكرى الثامنة والأربعون لثورة 14 أكتوبر المباركة، التي انطلقت من جبال ردفان في جنوب اليمن، ضد الاستعمار الأجنبي، ولها هذا العام نكهة خاصة كما هو حال كل شيء في اليمن اليوم بعد الانتفاضة على النظام الأسرى وأزلامه.
ففي هذا العام لا شيء يعلو فوق صوت المناسبة وذكراها واحتشاد أبنائها للتذكير بقضيتهم وحقهم في العدالة، بخلاف ما جرت عليه العادة في الأعوام السابقة من اختزال المناسبة للتذكير بإنجازات صالح، ونسبة كل الفضائل والمناسبات إليه، ولا ندرى ما علاقته أصلاً بثورة 14 أكتوبر، التي شرد أبناءها وأهانهم، وفرض على أكثر من 70 ألفاً من كبار عسكريها المخضرمين الإقامة الجبرية والتقاعد الإجباري المبكر، بالإضافة إلى أكثر من 400 ألف موظف يمني من أبناء المحافظات الجنوبية سرحوا من وظائفهم وعوملوا بمبدأ «خليك بالبيت»، وقائمة التعديات والتجاوزات طويلة.
14 أكتوبر هو قاسم مشترك في تسمية جمعتي النظام والثوار على السواء، فقد أطلق النظام على هذه الجمعة الوفاء لثورة 14 أكتوبر، ويا له من وفاء.. كما دعا الثوار جميع اليمنيين للاحتشاد بالملايين للاحتفاء بالذكرى، وتبقى عدن هي العروس التي تتزين في هذا اليوم، يقصدها الملايين يخطبون ودها، لكن هيهات والعروس حزين ولازالت تتجرع كؤوس المرارة، فلم ينتصف لها أحد بعد.. كل ما قيل ويقال عن القضية الجنوبية لا يخرج عن إطار المزايدات والشعارات، في حين أن الثورة اليمنية العادلة لن تنجز على الوجه الأكمل، حتى يقر الجميع يقيناً بمدى الظلم الذي وقع على الجنوبيين طوال الحقبة الماضية، وحجم الجرح الغائر في نفوسهم، والإسراع بخطوات عملية لإصلاح هذا الخلل دون تردد ودون التمسك بالمصالح الشخصية والحسابات الضيقة، هذا هو الانتصار الحقيقي للجنوب والوحدة معاً، لابد أن يتيقن من اعتاد على أخذ كل شيء أنه مضطر الآن أن يرضى بالقليل، وإلا فسيخسرون كل مكتسباتهم، والحقيقة أن لا شيء يعدل خسارة الوطن.
هناك من يرى أن تؤجل جميع القضايا الشائكة بما فيها قضية الجنوب والحوثيين والدولة المدنية إلى ما بعد إنجاز الخطوة الأخيرة للثورة، أي الدخول إلى القصر الجمهوري، والانتهاء من نظام صالح تماماً، ربما كان مثل هذا الكلام يجد مشروعيته في الأيام الأولى من الثورة، لكن بعد أن امتدت الآن إلى قرابة الثمانية أشهر وقد تشكل خلالها مجلس وطني انتقالي، لابد أن يكون هناك برنامج سياسي واضح يطمئن الجميع بأن قضاياهم لن تسوف فيما بعد في جلسات الحوار الممتدة.
× نقلاً عن الشروق المصرية
وسام باسندوه
عدن.. بوابة التغيير والانتصار للثورة 1662