إن المتابع للشأن العربي بشكل عام سيجد أن آمال وآلام الشعوب العربية واحدة، ولا تختلف عن بعضها إلا بأشياء بسيطة جداً كبعض العادات والتقاليد الاجتماعية، أما الآلام فواحدة، فكل الشعوب العربية تعاني الويلات والمآسي من أنظمتها الاستبدادية، وفي المقابل فإن للشعوب العربية آمال وطموحات واحدة وهي الخلاص من أنظمتها التوريثية الفاسدة، عن طريق التغيير عبر الثورات الشبابية الشعبية السلمية، والتي نجحت في تونس ومصر وليبيا، وهي في طريقها إلى النجاح في اليمن وسوريا، ولقد كانت الشعوب العربية تظن أن عمالة الأنظمة مع الغرب ومع الأوربيين - حلفاء إسرائيل- سيُفْشلُ الثورات وسيجعل الغربيين والأوربيين يقفون مع الأنظمة.
غير أننا لاحظنا مواقف ايجابية مع الثورات العربية والتي هي نابعة من ضمير إنساني حي، حال كونهم ليسوا بالعرب المسلمين، فبمجرد أن ثارت الشعوب العربية على حكامها وأنظمتهم العائلية سارع المجتمع الدولي إلى توجيه رسالة للزعماء العرب تُحملهم فيها مسؤولية حماية المظاهرات والمسيرات وسرعة الاستجابة للشعوب بالتخلي عن كراسي الحكم.
ولأن شباب وشابات الثورات العربية محقون في طلباتهم الثورية، الداعية إلى الحرية والسلام، ولأن الرئيسين صالح والأسد ماطلا بالرحيل والتخلي عن السلطة، فقد جاءت رسالة معهد نوبل للسلام والمجتمع الدولي قوية وقويةً جداً، حيث تم منح الثائرة اليمنية السيدة/ توكل كرمان، جائزة نوبل العالمية للسلام وهذه الجائز -في حد ذاتها- تمثل نصراً عظيماً للثورتين اليمنية والسورية ولثورات الربيع العربي برمتها، وتؤكد بأن ثوراتهم محقةً وصادقةً، فهل سيعي الرئيسان ذلك؟ وهل سيفهمان أن الجائزة العالمية لم تكن للثائرة كرمان وللمرأة العربية بقدر ما هي نجاحٌ للثورة اليمنية خاصة، والثورات العربية عامة، لاسيما وأن كرمان هي أول امرأة عربية مسلمة ثائرة ترتدي الحجاب تحصل على جائزة نوبل للسلام؟ وقد جاءت هذه الجائزة في موسمها الحقيقي ووقت حصادها وفي ربيع الثورات العربية، جاءت لتقول للأنظمة العربية إن الظلم والقهر والتوريث جعل شعوبكم تثور ضدكم فلا تُمَنوا أنفسكم بالبقاء فمطالبُ شعوبكم أولَى باستجابتكم لها.
وفي الوقت الذي أعُلِنت فيه الجائزةُ والتي كانت فرحةً ومسرةً ونصراًً للثائرة كرمان والشعب اليمني والشعوب العربية، فقد كانت في نفس الوقت صفعة مؤلمة وموجعة لبقايا النظام اليمني وللنظام السوري والأنظمة الاستبدادية، حيث شعروا بالذل والخزي والمهانة، وإذا كانت الجائزة العالمية بِعِظَمِها وسمو رفعتها قد مُنِحَت للثائرة كرمان فإن أُختَ بلقيس قد أهدت جائزتها للشعب اليمني ولثورات الربيع العربي، كما أنها وهبت قيمة الجائزة المالية التي ستستلمها من قِبَلِ اللجنة المتخصصة لذلك في معهد نوبل النرويجي للسلام، الكائن في العاصمة النرويجية "أوسلو" إلى خزينة الدولة اليمنية الجديدة، وقد أبدع الكتّابُ والشعراءُ والأدباءُ والسياسيون عندما أعطوها حقها في كتاباتهم وشعرهم وجاء ذلك مكملاً للجائزة العالمية.
فمواقف الثائرة كرمان الايجابية كثيرةً وفي مجالات عدة، منها في الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام وعن حقوق المرأة والطفل بشكل خاص، هذا فضلاً عن كونها ثائرة وأول امرأة قادت مسيرات في اليمن تدعو إلى إسقاط النظام ورحيله، ناهيك عن أنها ترأس منظمة "صحفيات بلا قيود" وناشطة حقوقية وسياسية. وإذا تتبعنا ما قاله الشعراء عنها فسنجد أنهم قد كتبوا الكثير والكثير في الصحف والمجلات والمنتديات.
أحمد محمد نعمان
فُوزُ كرمَان نجاحٌ لِلثوَراتِ العربية 2366