النضال من أجل رفع الظلم عن المرأة وضمان أمنها وحقوقها يستحق من الجوائز أرفعها وأرقاها.. تهنئة من القلب إلى توكّل كرمان التي نالت جائزة نوبل للسلام تقديراً –بحسب رئيس الجائزة- لنضالها "السلمي من أجل ضمان الأمن للنساء وحقوقهن في المشاركة الكاملة والعمل من أجل السلام".
أهنئ اليوم توكّل وجميع رفاقها ورفيقاتها في ميادين التحرير العربية، لإنجازات لا تقل أهمية في عمقها وأثرها عن الإنجاز المحتفى به.
النصر الأهم للشباب العربي هو في اقتلاع الاستكانة والخنوع من نفوس العديدين، والتغلب على الخوف الذي استأثر بهم لعقود طويلة حتى بات البعض يرى في تقبّل الظلم حكمة، وفي التعايش مع الاحتلال الخارجي قدراً، وفي مقاومة أي منهما تهوراً.
وعندما تتغلغل الهزيمة في النفوس، تنطفئ العزيمة، ويضيع الأمل، فيرى البعض أن صون الكرامة يكمن في التنازل عن الحقوق طوعاً، قبل أن تنزع قسراً.
توكّل ورفاقها رفضوا الاستسلام لواقع تُنتهك فيه حقوقهم وتسلب مقدراتهم ويهدر مستقبلهم.. ثاروا على الظلم والقهر.. رفضوا شرذمة مجتمعاتهم بين مسلم ومسيحي، وبين مسلم ومسلم آخر، وبين عربي وغير عربي.. تمسكوا بحق كل منهم كإنسان ونادوا بمواطنة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
رفضوا التخلي عن سلميّة نضالهم حفاظاً على سلامة مجتمعاتهم، واحتراماً للحق في الحياة وفي الأمن الشخصي للجميع، حليفاً كان أم خصماً.
وبينما اقتنع البعض باستهلاك ما ينتجه الآخرون، أبدع هؤلاء في خلق نماذج ومعارف جديدة للنضال تلقفها العالم، وحاكاها.
يستحقون التهنئة وثورتهم لم تستكمل انتصارها بعد.. فهم ما زالوا يناضلون في بعض البلدان ضد استبداد يزداد عنفاً، وفي فلسطين ضد احتلال إحلالي وتوسعي يتجاهل المواثيق الدولية وينتهك أبسط حقوق الإنسان.. وأنّى نجحوا في إقصاء مستبد عن الحكم، تلاقت مصالح خارجية وداخلية لإدامة نظامه في غيابه.
يستحقون التهنئة، لأنهم رغم هذه المصاعب تمسكوا بجميع القيم النبيلة السامية التي نهضوا من أجلها، قيم الحرية والعدالة والمساواة، ولأنهم وضعوا الأمة على مسار جديد ينبئ بمستقبل مشرق، فأدخلوا الأمل والعزيمة إلى قلب كل عربي.. يستحقون التهنئة لأنهم جعلوا العالم بأسره يقف احتراماً لشباب العرب.
* الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة.