ما زالت زنجبار تكتوي بنيران المواجهات الطاحنة التي ألحقت الخراب والدمار في كل مكان ولم ينجُ من ويلاتها بشر أو حجر أو شجر، فالبشر قد شردت والمباني والمنشآت قد دمرت والشجر أو ما تبقى منها ولم يحترق فقد بات عرضة للجفاف والهلاك المحقق وأما الحيوانات فقد نفق معظمها خوفاً وجوعاً وما تبقى منها يفتش من مكان لآخر عن مصدر للأمان والطعام الذي يبقيه على قيد الحياة لدى بعض نفر ما زالوا على صمودهم.
وكم تألمت عندما سمعت عن حيوانات أليفة راحت تفتك ببعضها وتتخذ منها الغذاء لتأمين البقاء يا الله ما هذا الذي يحدث في محافظتي وتحديداً في عاصمتها وضواحيها؟ البشر يفتكون ببعضهم وينشرون الفتات بجميع الأنحاء ومن دون استثناء ولعل أكثر ما ترك أثراً في نفسي هو تلك الغوريلا الشاردة التي وجدت في طريقها قطاً ضعيفاً فأشفقت عليه وراحت تنتقل به من مكان لآخر تقاسمه فتات طعام وتبحث له عن أمن وأمان حيثما ذهبت وأينما اتجهت فليت الرحمة التي غرسها الله في قلبها لم تنزع من قلوب البشر التي بدأ الحيوان أكثر رفقاً منها.
لكن ما يلفت النظر حقاً هو تهميش أبين إعلامياً والباحث عن خبر يضمها كالباحث عن إبرة في كومة قش ترى ما الهدف من هذا التهميش المقصود ولماذا هذا التعتيم المتعمد الذي أهمل معاناتنا ولم يتناولها في تغطية منصفة ونقلها للملأ أكانت عبر القنوات الفضائية اليمنية أو غيرها في حواراتها، لا تعبأ بزنجبار وما جاورها بقاطنيها من تشرد وشتات ونزوح وتخبط ولم تنظر بجدية لمأساة الطلاب النازحين والمعلمين التائهين من أبناء المناطق المنكوبة والبحث عن حلول أو طرح لمعالجات أثناء حَلّ مع معالي وزير التربية والتعليم الأمر الذي أصابنا بخيبة أمل كبيرة.
الجدير أن هذه القنوات الفضائية الداخلية أو الخارجية التي اعتدنا منها الخلاف والاختلاف قد تتفق في بعض الأحيان وهو من الأمور النادرة أحدها التعامل مع أحداث زنجبار الدامية بأذن من طين وأخرى من عجين وكم حاولنا استدرار عطفهم ولفت انتباههم لتسليط الأضواء على عاصمتنا المشؤومة التي ما زالت تكتوي بنيران المواجهة المسلحة التي استنزفت وتستنزف يومياً العشرات إن لم تتجاوزها.
أيها القراء الأكارم ويا رجالات الإعلام على اختلاف مذاهبكم ومشاربكم وانتماءاتكم السياسية إن زنجبار اليوم شاهدة عيان على مأساة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المحافظة المكلومة لا في أحداث يناير المشؤوم في غيرها ولا أعتقد أن أي محافظة أو عاصمة في الجمهورية اليمنية قد تجرعت ولو الجزء اليسير من مرارة العلقم التي تجرعته عاصمتنا وضواحيها في ظل صمت مطبق وتجاهل يثير فينا علامات استفهام نفتش لها عن إجابات من دون جدوى لعل أهمها على الإطلاق لماذا اختيرت عاصمتنا تحديداً ودون غيرها ساحة للمواجهات؟ ساحة للموت ونشر للدماء في كل مكان وما الذي ارتكبنا من جرم أو اقترفناه حتى نقنع أنفسنا بأن الجزاء من جنس العمل، فإن لم يكن كذلك فمتى يدب فينا والسلام ويعود الأمان وتشرق شمس أيام تسودها المحبة والوئام بين جميع الأنام.