حصول السيدة توكل كرمان على أرفع جائزة عالمية "نوبل للسلام" مثل مفاجأة سارة وغير متوقعة ليس لأنها لا تستحق الجائزة، بل أن السيدة كرمان نفسها قد أفصحت مباشرة عن عدم توقعها الحصول على الجائزة ومع ذلك نقول مبروك ألف ترليون مبروك لكل الشعب اليمني ولكل العرب ممن يحمل همة النضال السلمي نحو التغيير والتحرر من الديكتاتوريات المتسلطة التي عفى عليها الزمن، وبالتالي فإن حصول السيدة كرمان على جائزة نوبل كأول امرأة عربية يحمل دلالات جداً عظيمة وكبيرة ذلك أنها جاءت في خضم ثورات الربيع العربي وبما يؤمل أن تحمله رياح هذا الربيع من نسائم التغيير واستنشاق حوار الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان.
ولذلك أعطت الجائزة بُعداً عظيماً لمشروعية وعدالة النضال السلمي والمراهنة عليه كأنجح وسائل للتغيير العصري في العصر الحديث.
الآن كل العالم يتجه صوب اليمن وعدالة ومشروعية ثورته السلمية ومن خلال المناضلة "كرمان" خصوصاً كونها أحد أقطاب الثورة السلمية وأبرز روادها.
أضف إلى ذلك أن الجائزة بقيمتها المعنوية مثلت اعترافاً وتقديراً للبعد التاريخي والإنساني في الحضارة العربية واليمنية على وجه الخصوص والصورة الجميلة التي اتسم بها حكم المرأة لليمن من خلال الملكة بلقيس والسيدة/ أروى ودور المرأة العظيم في بناء الأوطان.
اليوم وقد أضحت "كرمان" على لائحة شرف نوبل للسلام تعني الكثير، حيث أن العالم الآن سيضاعف من اهتمامه والاتجاه صوب الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وسيدفع بالثورة السلمية خطوات متقدمة نحو انجاز هدفها.
أما ذلك الموقف الباهت والغبي للإعلام الرسمي من حصول كرمان على أرفع جائزة عالمية جعلنا نحن المتابعين نقف عليه ونتحسر على الحال الذي وصل إليه.
وبعد كل هذا يحق لنا أن نقول للغرب نحن اليمنيون لدينا مخزون استراتيجي هائل من القدرات والمواهب والعقول التي لم يتح لها ولو 1 % فقط من الفرص ذلك أن المرأة ما تزال في اليمن وعلى سواحلها الممتدة رهينة الظلم والفساد والقهر والأمية ولو أحسن الاهتمام والتركيز بهذا الكادر البشري والإنسان الزاخر لتغير وجه اليمن وأعيد له مكانته ووصفة السعيدة" وعليه يمكننا القول الآن أن إصلاح مجتمعاتنا باهتمامنا بالتعليم وتربية النشيء وبالذات المرأة كفيل بخلق المجتمع المنشود، ألم يقل الشاعر ذات يوم
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
يقيني أن حصول كرمان على "نوبل" كأول امرأة عربية تمنح هذه الجائزة العملاقة يعكس تقديراً كبيراً للمرأة العربية والمراهنة على دورها العظيم في بناء الأوطان، أكيد أن زلزلاً مدوياً دوائره صوب المنطقة العربية في انتزاع المرأة كثير من الحقوق وتحطيم قيود مفروضة من أنظمة مجتمعات مصابة بالعقد الذكورية البائسة.. وقد حان القوت للمرأة العربية أن تتخطى القيود والحواجز والمطبات والأسلاك الشائكة، إذا ما سلحت بالعلم والإرادة والمعرفة.
لقد حانت اللحظة التاريخية لنعرف قدر ومكانة المرأة في مجتمع فسد فيه الرجال المتسلطون والواهمون وأهملتهم ذكورتهم الزائفة عن جادة العدل والصواب والحق.
ذات مرة كانت أولى مقالاتي على صفحاتي في العزيزة "الأيام الموقوفة من الصدور من قبل وزارة الإعلام.
وفي منتصف التسعينات كتبت متسائلاً لن تصلح اليمن إلا في حكم امرأة؟ وكانت هذه المقالة قد أحدثت دويا وصدأ اعتز به بين مؤيد ومعارض وما يهمني الآن هو إن حصول كرمان على هكذا جائزة عالية رفيعة يحقق جزءاً من تخمينات العبد الفقير لله، مستدلاً بجملة من المبررات من بينها أن عهد ملكة سبأ بلقيس والسيدة/ أروى يمثلان العلاقات المضيئة في التاريخ اليمني القديم والمعاصر وثانياً أن المرأة ديمقراطية تؤمن بالنضال السلمي والحوار بالفطرة وثالثاً أن المرأة بما تتصف من عاطفة إنسانية سيكون من الصعب عليها أن ترى أبنائها "الشعب" يعتريهم الجوع والفقر ولن تكنز الأموال والثروات لنزواتها دون أن تنفق على أبنائها.
وأخيراً سيكون من العار على أي قبيلي يمني أن يفكر في الإطاحة بحكم امرأة لا يخفى أننا شعب نقدس المرأة في ذواتنا الداخلية ولو ظهرنا علناً على ذلك.