أصواتهم مبحوحة, ووجوههم شاحبة، تظهر عليها آثار التعب, وقد أضفت أشعة الشمس عليها سمرة واضحة.
لم يلتقوا على موعد، ولم يجمعهم حزب سياسي, ولا كيان ما, هم هنا في هذا المكان منذ عدة شهور يفترشون الأرض, ويلتحفون السماء، لاشي يحميهم من الرياح والبرد سوى ملابسهم التي لا يختلف حالها كثيراً عن حالهم، تراهم يتشاركون شربة الماء، يتقاسمون الزاد الذي لم تعرف بطونهم سواه منذ تواجدهم في الساحات، لا يحملون ولا يملكون شيئاً سوى أحلامهم بحياة كريمة لطالما اصطدمت بواقع الحياة المعاشة في اليمن اصطدمت بواقع مرير صنعه الظالم المستبد ونظامه الفاسد نظامه الذي سرق ابتسامات الصغار، نظامه الذي سلب الكبار، حياتهم نخر العظام، نظامه الذي قهر الرجال، أذلهم ودك أسوار البيوت، نظامه الذي مزق وشتت الأسرة اليمنية، لذالك نجد في كل قلب من قلوب هؤلاء الشباب، ثورةٌ أذكاها الاستبداد الذي مارسه علي صالح وأججها امتهانه, واستعباده للشعب، نتيجة لهذا كله اجتمع هؤلاء الشباب في هذه الساحات التي اتخذوها متنفساً ومنطلقاً للتعبير عن رفضهم للنظام الذي سقى الشعب وعلى مدى "33" عاماً ويلات الظلم، والاستبداد، والاستعباد، يعبرون عن رفضهم للنظام الذي سلب حريتهم، وانتهك كرامتهم، وامتهن آدميتهم وكبريائهم ولهذا نجدهم صامدين، ثابتين، متلاحمين، مترابطين، كالبنيان يشد بعضه بعضاً، قلوبهم جميعاً كقلب رجل واحد وهم مصممون على المضي بثورتهم، مصممون على التصعيد نحو الحسم حتى تحقق الثورة أهدافها، متمسكون بسلميتهم، مستعدين لبذل دمائهم، وحياتهم ذلك لأنهم يشعرون بالمسؤولية عن خلاص ملايين الفقراء والبائسين يشعرون بالمسئولية تجاه أبناء الشعب الراضخين تحت وطأة القصف المدفعي والصاروخي، يشعرون بالمسؤولية عن معانات الشعب جراء العقاب الجماعي الذي يفرضه بقايا النظام ويزيدهم إصراراً، وفائهم لعهد قطعوه للشهداء والجرحى الذين شاركوهم هذه الساحات لمدة من الزمن، الشهداء والجرحى الذين قتلهم واستباح دماءهم الظالم المستبد وعصابته ليس لشيء سوى أنهم طالبوا بحقوقهم، بحريتهم، بكرامتهم، قتلهم لأنهم حلموا بيمن جديد ومستقبل أفضل.
*ناشط في الثورة الشبابية الشعبية- ساحة الحرية- تعز
صلاح نعمان
هؤلاء هم الشباب ... 1926