تصرفات النظام الوحشية أوصلتنا إلى قناعه شبه أكيدة أن من حكم هذا البلد ربما لم يكن يمنياً خالصاً أو ربما أنه نسي ذلك ونسي أيضاً أنه مسلم، إذ كيف لامرئ يحمل في قلبه ذرة من إيمان ويحمل في نفس القلب كل هذه القسوة والجرأة على قتل الأبرياء وترويع الآمنين.. ما حدث في تعز في الآونة الأخيرة بالذات كشف عن مدى الحقد الذي يحمله أولئك القتلة على مدينة كان من الممكن أن تكون أجمل وأروع مدن العالم فقط لو أنهم كانوا يملكون شيئاً من الإحساس بأنهم من أهل هذا البلد ومسؤولون عن آمنه وأمانه.
فإلى متى سيستمرون في جنونهم وهمجيتهم؟ إلى أن يفنوا نصف الشعب وييتموا نصفه الآخر، وماذا بعد ذلك؟.. يدركون أكثر من غيرهم أنه بات من المستحيل أن يعود كل شيء كما كان فلما هذا العناد؟.. لو يشعرون بحرقة قلب أم فقدت ولدها ولو يرون دموع طفلة صغيرة حرموها أباها لتمنوا أنهم لم يخلقوا ولم يجلسوا يوماً على كرسي أصبح قتل الناس أهون عليهم من تركه أو التنازل عنه.
في هذه المحنه تعلمنا أشياء كثيرة، منها الصبر الذي هو في الأساس صناعة يمنية خالصة, فمن أصبر من اليمنيين ومن أقدر منهم على التحمل والتأقلم مع أشد الظروف وأقساها.
واهم ما تعلمناه هو اللجوء إلى الله بقلوب موقنة أن الخلاص لن يكون إلا بيد العزيز الجبار وأن أهل الأرض لو اجتمعوا على أن ينفعونا بشيء لم يكتبه لنا فلن يكون إلا بأمره وقدرته سبحانه.
تعز الحالمة كانت تحلم بغدٍ أجمل ليس فيه للظلم والظالمين ولو زاوية صغيرة في مساحتها الواسعة، أصبح أهلها يحلموا بنوم هادئ يصحون منه على صياح الديك مبشراً بقدوم فجر جديد وحياة جديدة تعيد لهذا الوطن كرامته وعزته ومكانته الطبيعية التي يستحقها بين دول العالم.
جواهر الظاهري
إنها تعز.. ... 1981