سيناريو 'تخلي' الرئيس اليمني عن الحكم معروف مقدما: مجلس رئاسي من الابن وأبناء الأخ والموالين ليبقى الأمر على ما هو عليه.
اكاد ان اجزم ان ما قاله الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من انه سيتخلى عن السلطة في الايام القليلة المقبلة هو مراوغة جديدة من مراوغاته وكذبة اخرى من اكاذيبه التي يتشاطر فيها على المعارضة السياسية الساذجة في اليمن، وعلى السعودية العاجزة عن فعل شيء، وعلى الولايات المتحدة التي تريده ان يتنحى دون ان يسقط عسكريو نظامه ممن يقدمون لها خدمات احتواء عناصر القاعدة في اليمن ثم تصيدهم هناك.
فالرئيس، المعروف بانه مراوغ، تراجع ثلاث مرات عن التوقيع على المبادرة الخليجية لحل الازمة في اليمن. وهو لا يريد - ولا يعتقد انه قادر على - ان يترك السلطة "الا على جثته" (كما هو الاصطلاح الدارج).
لذلك اعتقد اننا امام احتمالين لمناورة الرئيس هذه:
اولهما: انه سيعلن قريبا تنحيه لشخص اكثر دموية منه واكثر كراهية منه عند الشعب اليمني، ومن اجل ان يرفض الشعب قراره هذا فيزداد العنف في البلاد. واتوقع ان يعمد الحزب الحاكم الى اخراج مسيرات وتظاهرات لعشرات الالاف من اتباعهم خصوصا من ابناء قبيلة الرئيس تدعوه لعدم التنحي، وسيفسر هو ذلك بانه اراد التخلي عن السلطة ولكن الشعب يمنعه.
وبهذه المناورة سيهرب الرئيس من الضغوط الخارجية التي تدعوه للتنحي، خصوصا ان مجلس الامن سيناقش قريبا تقرير المبعوث الامم المتحدة لليمن جمال بن عمر، وعلى اساس هذا التقرير الذي سيحمّل الرئيس ونظامه مسؤولية تردي الاوضاع في اليمن ورفض المبادرة الخليجية.
ثاني الاحتمالين: ان الرئيس "المخادع" يريد ان يبقى نظامه قائما، بدون ان يكون هو في الصورة، اي ان يعطي السلطة لشخص قريب منه ويثق به ولا يمكن ان يغدر به وبالمكتسبات التي حققها الرئيس صالح طوال السنوات الـ33 التي حكم فيها اليمن. والاغلب ان يكون هذا الشخص ابنه احمد، او احد ابناء شقيقيه الذين يوجهون القدرات العسكرية القوية للنظام، وربما يعلن عن تشكيل مجلس رئاسة يضم هؤلاء وبعض المدنيين المخلصين له. والجدير بالملاحظه ان الرئيس صالح اشار الى ان من سيتخلى له عن الحكم "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه سواء كانوا مدنيين أو عسكريين ".
وربما هذا الاحتمال يرضي الولايات المتحدة – وربما السعودية – لأن الطاقم العسكري المسيطر على الامور في اليمن هم من يسمونهم "عصابة الاربعة" والتي تضم العميد احمد علي صالح نجل الرئيس وقائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وابناء شقيق الرئيس، العميد طارق مجمد صالح رئيس الحرس الخاص، والعميد عمار محمد صالح وكيل جهاز الامن القومي، والعميد يحي محمد صالح قائد الامن المركزي.
فهؤلاء لهم علاقات جيدة مع واشنطن واخذوا دورات في الولايات المتحدة وهي التي تدرب وتسلح قواتهم في اطار "التعاون لمحاربة عناصر تنظيم القاعدة الذين لجأوا الى اليمن".
وتعتمد واشنطن على هؤلاء في محاربة تنظيم القاعدة وقتلهم بعد استدراجهم لليمن حتى تتصيدهم الطائرات الاميركية بدون طيار.
وكانت اخر الخدمات التي قدمها هؤلاء اعطاء معلومات دقيقة لواشنطن عن مكان وجود انور العولقي في الاراضي اليمنية للتولى احدى الطائرات الاميركية بدون طيار اصطياده وقتله.
وهذا يؤكد ان النظام يستخدم تنظيم القاعدة لتحقيق مصالحه.
وهؤلاء لهم علاقات امنية جيدة مع اجهزة الامن السعودية التي تلاحق عناصر تنظيم القاعد في شبه الجزيرة العربية.
لذلك لا تريد واشنطن ان تدب الفوضى في اليمن اذا ما أطاح الثوار من شباب اليمن بالرئيس والنظام.
ربما الرئيس المخادع يرى انه اذا جاء بمجلس رئاسي يضم عائلته ومقربين منه يضمن ان المعارضة اليمنية ستفشل سياسيا في تحقيق حلمها بالاطاحة بالرئيس صالح، وسيفشل ثوار اليمن الذين يرى صالح انهم سيملون وسيمل الشعب اليمني منهم. وبذلك يضمن صالح بقاء نظامه وتوريث الحكم لابناء عائلته.
ولكن اليمنيين يعرفون رئيسهم وهم "غير سعيدين" به وبرئاسته ولن تنطلي عليهم هذه الكذبة الجديدة عن الرئيس سيتخلى عن السلطة والحكم.
ميدل ايست أونلاين
سليمان نمر
مراوغة جديدة للرئيس صالح 2200