اغراء السلطة في العالم الثالث والعالم العربي اغراء كبير جدا لدرجة أن الشخص الذي يصل الى مقعد الرئاسة يتشبث بهذا المقعد ولا يتخلى عنه حتى لو قتل نصف شعبه أو خسر حياته ويعتبر الدولة التي يحكمها مزرعة له ولأولاده وأقربائه ولا يقبل التخلي عن الحكم أبدا مهما كانت النتائج والأهم في هذه المسألة أن هذا الرئيس أتى الى الحكم في الغالب على ظهر دبابة ولم ينتخبه شعبه ولدينا أمثلة عديدة على ما نقول.
في الجزائر بعد الاستقلال عام 1962 كان أول رئيس للجمهورية أحمدبن بيلا لكن أحد زملائه ورفيق سلاحه هواري بو مدين انقلب عليه وأطاح به ونفاه خارج الجزائر وتسلم الحكم في التاسع عشر من حزيران عام 1965 وبقي يحكم الجزائر حتى تاريخ 27/ 12/ 1978 وهو يوم وفاته.
وفي تونس تسلم الحكم بعد الاستقلال الحبيب بورقيبة عام 1957 وبقي رئيسا للجمهورية التونسية حتى عام 1987 وقد تردت أوضاعه الصحية بسبب تقدمه في العمر ولم يقبل التخلي عن الحكم الى أن أطاح به زين العابدين بن علي الذي حكم تونس حكما ديكتاتوريا مطلقا واستفرد بالسلطة الى أن أطاحت به ثورة شباب تونس في الرابع عشر من شهر كانون الثاني عام 2011 وكان يعتبر تونس كأنها مزرعة له ولأقربائه وأنسبائه.
أما في مصر فقد تولى الحكم بعد مقتل الرئيس أنور السادات نائب رئيس الجمهورية حسني مبارك وذلك في الرابع عشر من شهر تشرين الأول عام 1981 ولم ينتخب انتخابا لكنه بقي في السلطة حتى تاريخ 11 شباط 2011 بعد أن أطاحت به ثورة شباب مصر وكانت سنوات حكمه سنوات قهر وفساد ونهب خيرات الدولة ومراكز قوى لها أول وليس لها آخر كما أنه كان يهيىء ابنه لخلافته وكما قلنا سابقا كأن مصر مزرعة له ولعائلته بينما الشعب المصري يعاني من فقر وجوع وبطالة من أعلى النسب في العالم وها هو يحاكم اليوم بشكل مهين بعد سنوات العز التي لم تستمر كما كان متوقعا.
وفي اليمن تسلم الحكم عام 1978 الرئيس علي عبدالله صالح ولم يأت عن طريق صناديق الاقتراع وبقي يحكم اليمن منذ ذلك العام وقد تراجع الاقتصاد اليمني كثيرا في عهده وعمت البطالة كما تراجعت الزراعة وأصبح نجله الأكبر أحمد قائدا للحرس الجمهوري كما وضع بعض أقربائه وأنسبائه في مواقع حساسة في الجيش وزاد نشاط القاعدة في اليمن حتى أصبحت هذه المنظمة الارهابية تصول وتجول في بعض مناطق اليمن وتهاجم المراكز الأمنية ومراكز الجيش وتنصب الكمائن اضافة الى الحرب الضروس التي شنها النظام على الحوثيين والتي سقط بسببها آلاف القتلى والجرحى وكذلك الجنوب الذي يطالب بعض نشطائه بالانفصال عن الدولة الأم لشعورهم بالظلم والتهميش.
الآن هناك ثورة في اليمن منذ حوالي ثمانية أشهر وقد تكبد اليمن بسببها خسائر كبيرة وتضرر الاقتصاد اليمني وسقط مئات القتلى والجرحى وتعرض الرئيس لمحاولة اغتيال هو وعدد من أعضاء حكومته لكن هذا الرئيس يرفض التنازل عن الحكم أو الوصول الى اتفاق مع المعارضة اليمنية وأحيانا يدور قتال شرس بين قوات الجيش اليمني وقوات أخرى انشقت عن الجيش ووقفت الى جانب الثوار.
وأخيرا وليس آخرا العقيد معمر القذافي الذي قام بانقلابه في الأول من شهر أيلول عام 1969 واستمر يحكم ليبيا بالحديد والنار حتى عام 2011 ولم يترك الحكم الا بعد قيام الليبيين بثورة مسلحة ما زالت مستمرة حتى اليوم لأن بعض فلول جيشه ترفض الاستسلام وقد حرم الليبيون من التمتع بثروات بلادهم وكان يتقاسم معظم الدخل الذي يأتي من البترول هو وأبناؤه أما الشعب الليبي فقد تركه ليعاني من الفقر والظلم والبطالة والحرمان وهو حتى الآن يرفض التسليم وكأن ليبيا مزرعة له ولأبنائه.
معظم القادة في العالم العربي والذين جاءوا الى الحكم ليس عن طريق صناديق الاقتراع لا يحبون التخلي عن السلطة ولا يتركون الكرسي الا اذا انتهت أعمارهم بشكل طبيعي أو قتلوا أو نتيجة لثورة شعبية يقوم بها أبناء بلدهم.
الدستور الأردنية