"إذا الشعب يوماً أراد الحياة, فلابد أن يستجيب القدر " هذا إن أراد, فإن لم يفعل ذلك , فعلى القدر أن ينفيه خارج هذه الحياة القذرة .
نعم هي الإرادة, فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, فالإرادة تعني النية الصادقة المخلصة , يومها بدون شك سيستجيب القدر .
حينما أشعل الشاب التونسي محمد بوعزيزي النار في جسده , ربما لم يكن يحلم بردة فعل أكثر من حزن عائلته , وبعض أقاربه عليه , وربما لفت أنظار صُناع القرار, في بلدية سيدي بوعزيز مسقط رأسه, لم يحرق نفسه هرباً من تحمل مسؤوليته تجاه والدته, وأخواته الثلاث, الذي تحمل مسؤولية إعالتهن وهو في سن الحادية عشر من عمره , بعد وفاة والده , حينما قرر أن يسرح بعربة الخضار, لكن القدر وعمال البلدية, كان لهم رأياً آخر في تقرير مصير هذا الشاب , حينما قاموا بمصادرة عربة الخضار, مصدر رزقه الوحيد, يومها تلقى كف من إحدى العاملات في شرطة البلدية, وهو يطالب باستعادة عربته التي يتوقف عليها مصير والدته وأخواته الثلاث , هذا الكف القاسي لم يكن سوى زلزال أعاد ترتيب الخارطة العربية برمتها ,انه الظلم, ولا غيره ,جعل من جسد بوعزيزي شمعة تنير ظلمة الليل الطويل , وبنورها يستطيع الثوار كتابة تاريخهم الجديد, رحل بوعزيزي بائع الخضار, ولم يكن يعلم أن برحيله قد انهارت جبال الأرض حزناً عليه, وإن أصوت الجياع , والثكالى, والبؤساء, والمهضومين , والمسحوقين , قد غدت صرخة اهتزت لها عروش الجبابرة والطغاة .
جسدك الطاهر بوعزيزي , أعاد للإنسان العربي كرامته , بعد عقود من العبودية .. اليوم الطغاة يتهاوون تحت أقدام شعوبهم , تطاردهم لعنات عقود من الاضطهاد, والعبودية , اليوم الشعوب بصفتهم في مزابل التاريخ , تطاردهم اللعنات حيثما فروا, قبل أن تطاردهم يد العدالة , في السماء , والأرض .. فعلاً صدق من قال : ( قطع الأعناق, ولا قطع الأرزاق(.
وللجعاشن كلمة ..
- يضع سره في اضعف خلقه , سنوات عده مضت, ومهجرو الجعاشن يفترشون الأرض ويلتحفون أديم السماء , كل هذا بسبب سطوة ونفوذ المشائخ, وانتصار الحاكم للنافذين على حساب الغلاباء, من يصدق أن أول خيمة تم نصبها للتنديد والمطالبة بالإنصاف من الظلم, والقهر, كانت لمهجري أبناء الجعاشن , تم نصبها في مدخل جامعة صنعاء, لتنجب بعد ذلك آلاف الخيم وملايين الثائرين, لا أبالغ لو قلت أنها أول خيمة يتم نصبها للمطالبة بالتغيير في الثورات العربية .
- لا اعتقد أن هناك قضية إنسانية نالت الكثير من المتابعة, كحال قضية أبناء الجعاشن, كونها قد استحوذت على نصيب الأسد من التناولات, والتغطيات الصحفية, والمتابعة الجادة من المنظمات الإنسانية, والحقوقية, في الداخل والخارج, ومع ذلك على النقيض تماماً , لم أجد قضية نالت كل هذا التهميش, وعدم اللامبالاة, من أصغر هرم في الدولة إلى أعلاه.
- كل هذا يؤكد سطوة المشائخ, وقدرتهم الفعلية على إدارة الدولة, في ظل غياب تام للقانون, وسيطرة المشائخ على السلطة التنفيذية, وعلى مجلس الشورى أو مجلس المشائخ كما يحلو للبعض تسميته .. في ظل سلطة الشيخ, وأحكامه العرفية, تصبح القوانين النافذة مجرد حبراً على ورق, حبيسة أدراج الحكومة, وان خرجت هذه القوانين في غفلة, فإنها فقط تطبق على الضعفاء ,من أمثال أبناء الجعاشن, لكنها قطعاً لن تمس أولئك المعتقين من شيوخ ونافذين , أدمنوا استعباد الشعب ومص دمه, سبحان الله , الظلم ولا غيره .
- ماذا لو قام رئيس الجمهورية بمنح هؤلاء المساكين قطعة ارض, وقام ببناء عدة منازل شعبية, ربما لن تكلف خزينة الدولة أكثر من فاتورة علاج أو استجمام إلى ألمانيا,لقيادي من صقور المؤتمر, أو فرد من ذوي القربى, أو ربما لن تكلف فخامته أكثر من ثمن بوابة جامع الصالح .. هل المساجد أهم من الإنسان؟ فقطرة دم مسلم أكبر عند الله من خراب الكعبة حجراً حجـراً .. ( فكل المسلم على المسلم حرام .. ) هذا طبعا إن عجز رئيس الدولة عن إنصاف أبناء الجعاشن.. حينها كان يجب أن يتحمل مسؤولية هؤلاء البشر, كونه ولي أمرهم,لكن.. وآسفاه, فالسيد الرئيس لم يتعود في حياته على الانتصار للوطن والمواطن, وإنما الانتصار للشيوخ واللصوص, والنافذين من صقور حزبه , وإلا لما وصل الحال بأبناء الجعاشن إلى ما هو عليه الآن ..
- هل يعلم علي صالح أن خيمة أبناء الجعاشن في جامعة صنعاء كانت البذرة الأولى لهذه الثورة الشعبية العارمة .. وإن هؤلاء المهجرين كانوا سبباً رئيساً لنهاية حكمه, فعلاً صدق من قال : يضع سره في أضعف خلقه ..
KB_201@HOTMAIL.COM
خالد البعداني
شكراً.. محمد بوعزيزي 2132