;
عرفات الشجاع
عرفات الشجاع

قصة محاربة الحكام العرب للفساد 1951

2011-10-03 04:37:20


وأنا أركب إحدى وسائل النقل العامة التي تحتوي على العديد من الركاب وقع نظري على لافتة داخل الباص مكتوب عليها [ ممنوع التدخين] بنفس التوقيت الذي كان السائق نفسه يمارس التدخين بأريحية تامه واستمتاع..!!
لم أتعجب والركاب معي في ذلك التناقض لأننا متعودون تكرار مثل هذا السلوك بشكل يومي، مما جعلنا نكف عن الانتقاد ومحاولة التصحيح والنصح لأننا وصلنا حد الملل واليأس من ذلك فلا جدوى منـه..!
فلا السائق امتنع عن التدخين أو قدم تنازل وأزالاً لافتته التي ليس لها أي معنى ولا الركاب استطاعوا الامتناع عن الركوب...!
خطر على بالي حينها حال الحكومات العربية وقصتها مع ما تسميه [محاربة الفساد]، صحيح أن الحكومات العربية تشرع القوانين واللوائح التي تمنع الفساد وتنص على عقوبات في كل من ثبت تورطه بإحدى قضايا الفساد؟ ويشكل أيضا لذلك لجان مكافحة الفساد وتتملق بذلك وتردد تلاوته عبر وسائل الإعلام ليلاَ نهاراَ.. تماماً كالدور التي تؤديه تلك اللافتة في ذلك الباص ذهاباً وإياباً.. إلا أنها بدون أي جدوى أو تأثير فعـلي..!
فبرغم كل تلك الإجراءات التي تتخذها الحكومات تحت شعار محاربة الفساد أو مكافحة الفساد لم تطرب أسماعنا يوماً أية أخبار تقول أنه تم إحالة المسؤول الفلاني للتحقيق لأنها وجهت إليه تهمة فساد ولو حتى مسرحية هزلية أو تمثيلية أمام الشعب من بعـدها يتم تبرئته وتقديم اعتذار رسمي له ورد إلإعتبار نظراً لنزاهته وشرفه وتفانيه المنقطع النظير..!!
لأنه لا يمكن أن يمد يده ـ لا قدر الله ـ للمال العام الذي هو ملك للشعب المسكين الغلبان وكيف يحدث ذلك وحكامنا لا يمكن أن يضعوا في مناصب الدولة إلا الأمين الزاهد الذي يحمل نفس صفاتهم الطيبة..!! لا يختلف اثنان أن سائق الباص لا يستطيع أن يطبق قانون منع التدخين الذي أحضر لافتة المنع هو بنفسه
إلا إذا كان هو بنفسه ممتنع عن التدخين، فكيف يستطيع منع التدخين وبيده سيجارة..!! وأي قانون أو تشريع يبيحان له منع ما يمارسه عن الآخرين.! هكذا هو الحال ـ إن صح التشبيه ـ مع الحكام العرب مثل حالنا مع سائق الباص يشرعون القوانين ويشكلون اللجان فقط لتخدير مشاعر الشعوب وإيهامها والتلاعب والسخرية منهم وأتساءل هل سيحاسبون أنفسهم وهم واقعون تحت طائلة الاتهام لأن الفساد مستشري في كل المؤسسات والدوائر الحكومية، فلو افترضنا ـ مغالطين أنفسنا ـ براءتهم من تلك التهمة بشكل مباشر فهم غير مبرأين من تهمة السكوت عن الفساد من المسؤولين وأعوانهم الذين فسادهم واضح وضوح الشمس..!!
فلو علم أولئك أن هناك رادع وحساب وعقاب لما تجرأ أحد منهم فعل ذلك ولو كان الحاكم بريئ مما يقومون به لما حدث منهم ذلك..!!
حال الشعوب العربية مع حكامهم في قصة مكافحة الفساد مضحك، مبكي فقد وصلت الشعوب حد التبلد في التعامل والتعاطي مع تلك القضية وردات فعلها أصبحت محصورة على متابعة وقراءة اللوائح التي تمنع الفساد وتحارب المفسدين كما هو حال ركاب الباص آنف الذكر، مع السائق، فلو علم السائق أن الركاب سيتركون الباص حين أشعل سيجارته الأولى، لامتنع هو عن التدخين وكافح الركاب المدخنين، وكذلك الحكام العرب منحتهم شعوبهم العديد من الصلاحيات لظلمهم وقهرهم والضحك عليهم
ومارس الحكام طريقة التخدير وتنويم المشاعر عن طريق تقنين اللوائح وتشكيل اللجان الوهمية..!
تماماً كما بدا صديقنا سائق الباص وتلاعب بمشاعر الركاب وظهر لهم بمظهر حضاري هو بعيد منه كل البعد.. فهل لنا اليوم أن نقول إن الشعوب بدأت تستفيق من سباتها الطويل؟!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد