;
علي الربيعي
علي الربيعي

أحاديث الجندي وحكاية جدتي 2204

2011-09-26 04:48:50


بين الجندي وجدتي بعض القواسم المشتركة، مع المعذرة لجدتي التي لو علمت بقولي إن بينها وبين الجندي بعض القواسم المشتركة فإنها ستهز عصاها في وجهي هز عنترة بسيفه في وجوه خصمائه كما كانت تلوح بها في وجهي وأنا صغيراً فتصيبني بالخوف والهلع ...أعتذر إليها وأقول لا تتسرعي فالعجلة من الشيطان وأقول لقارئي لا تستعجل فأنا أدرك أنك متشوق لمعرفة هذه القواسم المشتركة ولكنني أقول للجميع إن هذه القواسم مجموعة الحروف الأبجدية المشتركة بين جدتي والجندي : الجيم , الدال , والياء ...أما غير القواسم المشتركة فالحديث ذو شجون .. وربما هي الأحداث التي غيرت الكثير من الأشياء حولنا، وغيرت بعض القناعات والمراكز وأظهرت أشخاصاً وأهملت آخرين وغيرت السلوكيات والتصرفات التي لم تسلم منها حتى جدتي التي كنت أعتبرها بسبب سنها خارج نطاق التاريخ والجغرافيا ...وذلك لأن جدتي لا تعرف أو تحب في الحياة إلا صلاتها ومجالسة الأطفال واهتمامها بالبقرة التي تقدم الحليب للأطفال والبيت ..وتكره القيل والقال وتنهج نهج السلفيين المغالين إذ تعتبر التلفزيون شيطان البيت الذي يغوي ويلهي الجميع فهو بنظرها حرام إلا إن رأت صلوات الحرم التي يفتحها لها أحفادها تملقاً فتهدأ أو تتنهد وتذرف الدموع سجاماً شوقاً لزيارة البقاع المقدسة التي جعلت منها السياسة المستحيل الذي لا يمكن أن يتحقق للجدة ...
وحتى لا أطيل الحديث عنها وأصفها بما تستحق وما لا تستحق فقد تفاجأت عندما قيل لي إن جدتي تتابع القناة الرسمية على غير عادتها وتترقب على وجه الخصوص أحاديث نائب وزير الإعلام الجندي، ظننت في البداية أنها بتصريحاته مبهورة وبكلامه مسحورة ...أو مصدقه للكلام المسموم الذي يبدو في ظاهره معسولاً فقلت في نفسي تحقق من اختار هذا الجندي لهذا المنصب وفي هذا التوقيت وبدأ الخطاب الرعوي يؤتي أكله ويفعل فعله ويلعب بقلوب وعقول الطيبين من هم في ثقافة جدتي ..قررت أن أتابع ما يجري وأرى بأم العين ما يحدث وخلال تساؤلاتي ظهر الجندي ملعلعاً على الفضائية اليمنية بابتسامته الساخرة وضحكته الباهتة التي تعكس طبيعة الرجل المتلون بألوان الحرباء فأسرع أحد الأطفال منادياً الجدة فقد جاء الضيف الذي تنتظره وتتابعه, أقبلت الجدة مسرعة ً وجلست مقابل التلفزيون بشغف الأطفال عند رؤيتهم توم وجيري وأفلام الكرتون ....بدأ حديثه كالعادة لوسائل الإعلام على شكل دردشة وتهكم وسخرية ومخاطبة فلان وفلان من الناس لحظة بالنصيحة ولحظة بالتحذير وعاد لقضية المظاهرات وقتلاها وجرحاها واصفاً لهم بالممثلين، منكراً أن هنالك قتلى وجرحى من المتظاهرين وإذا كان هنالك من قتلى أو جرحى فقد تم استيراد جثثهم من مشرحة أرحب، حيث الجثث هنالك والنفس البشرية مستباحة ولا قيمة لها ولا معنى , فرددت الجدة : قبحك الله يا كذاب وصل بك الحال أن تستخف وتتمسخر وتضحك على دماء وجثث أبناء بلدك إن كنت تنتمي إليهم...قال فلان من مؤيدي الثورة : حفظه الله كان طيباً وأنا أحبه ولكنهم ضحكوا عليه وخدعوه فردت الجدة : منافق أكثر من جماعة عبد الله ابن أبي ....قال : قتلى المظاهرات تم قتلهم من قبل الجنود الذين يحمونهم خلف المظاهرات . فقالت : قاتلك الله يا أفاك/ يا أثيم ياللي ما تستحي من الله ولا من خلقه, وهكذا استمرت تتابع وكلما قال كلمة ردت وكأنها في مناظرة معه, فقال: فلان سرق كذا وكذا . قالت: وأنت مع أي من اللصوص والسرق وكم نصيبك ؟ قلت : يا جده هو لا يسمعك فما الفائدة من حريق الأعصاب؟ ردت الجدة قائلة: أنا أكره الكذب والنفاق والتملق وعدم قول الحق على هذا أو ذاك وعلى القاصي والداني والقريب والبعيد..
وأخيراً اكتشفت أن الجدة لم تكن بالسذاجة التي توقعتها وليس من السهل إقناعها بشيء تراه خطأ أو غير صحيح، وأدركت أنه أخطأ ولم يصب من قدّم أشخاصاً أو عيَنهم في مناصب خدمة لأهداف معينة أو لأغراض تقديم الخطاب الرعوي الساذج على أساس استمالة أو خداع أو تضليل شريحة كبيرة من المجتمع، يرى أنه بالإمكان إقناعها والسيطرة عليها, فما رأيته من وعي لدى جدتي جعلني أدرك أن منهم أعلى ثقافة منها هم أكثر وعياً ونضجاً وسأماً من خطاب يستخدم المفردات الريفية والرعوية التي تتناقض مع طموحاتهم التي حلموا أن يخرجوا منها لا أن يعودوا إليها بعد عقود من عمر الثورة التي جاءت لتحررهم منها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد