عندما أشاهد موهبة أو شخصاً مبدعاً فأنا تلقائياً ومن غير قصد.. أقرأ على روحه المبدعة الفاتحة مقدماً.. وأقول له "معلش حظ أوفر في بلد أخر ابتسم فأنت في اليمن"..!!
كل ما حولك تتحكم به الواسطات والاعتبارات هذا ابن الشيخ هذا ابن الفندم هذا إبن المدير من خلاف... أقاربهم الشرعيين في صلة الرحم والغير شرعيين الصلة إلى الأماكن التي وضعوا فيه..!!
أنا أعلم علم اليقين أن كل محاولات الموهوبين في البحث عن مكانهم الصحيح وتوظيف طاقاتهم وإبداعهم لن يقابل بالتأييد ولا المناصرة من أحـد ولن يأخذ أحداً، بيدهم كل ما في الأمر أنه من بعد طول عناء وجهد سيصابون بالإحباط والخذلان ويشعرون باليأس ثم ينتقلون إلى رحمة مجالس القات
كما أنتقل إليها السابقون المبدعون الأولون.. رحمة الله تتغشا إبداعهم! كل مبدع عليها فان..!
لدينا الكثير من الطاقات والأشخاص المميزين في شتى المجالات رياضيا.. علمياً.. فنياً... إدارياً... إلخ
وللأسف لم يجدوا من يأخذ بأيديهم ويضعهم في المكان الصحيح.. ويا للعجب كم نجد من الغير مؤهلين في أغلب المرافق لهذا البلد ولأنهم كذلك تجد حتى معاملاتهم للناس غير طبيعية فهناك شعور بداخلهم بالنقص، فتحدث ردة فعل غير طبيعية تكون سلبية على كل من تعامل معه فينتج عن ذلك صدام دائم
فيلجأ المواطن للبحث عن وسلية أسرع لإنجاز ذلك العمل وتجنب معاملة الموظفين الفظة فلم يجدوا غـير الرشوة [حق القات] تجنباً للعرقلة والاستفزاز الذي يقابلون به من قبل أولئك الغجر ولا يعد ذلك مبررا للرشوة.. لكن ذلك من أحد الأسباب التي جعلت من الرشوة ثقافة عامة لدى الجميع، فعندما يفكر الخبير بأن لديه معاملة في إحدى الدوائر الحكومية أول ما يطلع بذهنه تلقائيا هي الرشوة وإعطاء الموظف حق القات عشان ننجز بأسرع وقت ممكن..!!
وحتى لا نبتعد عن موضوعنا الأساسي فنحن تطرقنا لإحدى نتائج تهميش المواهب والمؤهلين وهضم حقوقهم وإظهار ودعم الغير مؤهلين والفاشلين إن صح التعبير البلد توقف عند نقطة معينن من الإبداع والتقدم وأخذ يعود إدراجه إلى الخلف الفوضى والتسيب يملأن كل مكان، التخاذل واللامبالاة هما سييدا الموقف، العبث، التسرع، الملل السريع من إنجاز الأعمال... إلخ من الأخلاقيات والسلوكيات التي سادت على ثقافة التعامل بين الجميع نوابغنا ومبدعونا لا يظهرون ويخرجون إلى حيز النور إلا إذا خرجوا خارج البلاد وكانت لديهم إمكانيات مادية يبدأون بها طريقهم وسرعان ما يصبحون نجوما ولدينا الكثير في مجالات عـدة!.
لتبقى حسرة في القلوب أن لا يظهر في بلده مبدعاً مهما حاول واستعان بكل شيئ حوله فلا أمل له إلا الخروج من بلده لتظهر موهبته للعالم على أمل أن تحمل قادم الأيام شيئاً جديداً يبحث عنه كل أبناء هذا البلد من رقي وازدهار وامن وسلام.
عرفات الشجاع
مبدعون ولكن! 1955